أحدث المواضيع

الـــزواج، والــــزواج المـــبكر*الكاتب والباحث الدكتور: أحمد محمود القاسم



الـــزواج، والــــزواج المـــبكر، الايجابيات والسلبيات
الكاتب والباحث الدكتور: أحمد محمود القاسم
يعتبر الزواج، ضرورة أساسية، من ضرورات الحياة، وهي سنه من سننها، من أجل حفظ الجنس البشري من الانقراض على الأرض، ومن ضرورات التواصل الحيوي، والزواج أيضاً، متعة من أجمل متع الحياة، ومن الدوافع اللاإرادية، الضرورية، المؤدية إلى التطور البشري، عبر آلاف السنين، وبما أن الزواج ضرورة لا بد منه، إن كان آجلاً أو عاجلاً، يبقى السؤال الملح والمهم، متى وكيف يجب أن يتم ذلك.
في السابق، كان الآباء يبحثون لأبنائهم عن زوجة مناسبة، حتى إذا ما وصل ولدهم إلى سن معينة، (غالباً ما تكون خمسة عشرة عاما)ًأسرعوا لتزويجه، وبالعادة تكون الوالدة، قد اختارت فتاة قريبة منها، بالتفاهم مع زوجها، تتمتع ببعض الصفات الإيجابية، وغالباً ما يتم اختيارها على أساس جمالها، وهذا الجمال، تحدده الوالدة، حسب مقاييسها هي، أو على أساس حسبها ونسبها، وهذا غالباً ما يحدده الوالد، وفي الكثير من الأوقات، قد يفاجأ العريس المعهود، والعروس المرتقبة، بإتمام مراسيم الزواج بين عائلتي العريس والعروس، دون علميهما، أو دون موافقتهما، معظم هذه الزيجات، كانت تحدث بالماضي بين الأقرباء، كأبناء العم أو العمة، والخال أو الخالة، وغالباً ما يتم الزواج دون مراعاة للتكافؤ بين الزوجين، سواء التكافؤ العلمي، أو الجسمي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، المهم، هو رغبة الوالدين بتزويج ولديهما كي يفرحا بهذا الزواج، قبل أن يودعا الحياة إلى الآخرة، أو قد تكون لأسباب أخرى، كزيادة نسل العائلة، والاحتياجات العملية الزراعية، وطالما أن الوالدين يتمتعا بوضع مادي جيد، وأنهما حققا رغبتهما بإتمام مراسيم الزواج، فإنهما سيتحملان مصاريف الزواج، وحتى ما بعد الزواج، لأن ولدهما قد لا يملك العمل أو قد لا يكون يملك الإمكانات المادية للقيام بذلك، ولأنه في الغالب لم يتم استشارة العروسين من قريب أو بعيد، خاصةً العروسة، لأنهما في كلتا الحالتين، لا يملكان القدرة على الرفض، لأنهما لم يبلغا السن الذي باستطاعة كل واحد منهما، أن يدبر أمور حياته لوحده، ومثل هذه الزيجات، غالباً ما تنتهي بالفشل، ومن ثم الطلاق، أو يعتريها مشاكل حادة، تتحمل فيه الزوجة الجزء الأكبر من المعاناة، أما الزوج، والذي لم يكن يدرك معنى الزواج واحتياجاته في المقاييس الحالية، لم يعد يهتم كثيراً، وتعتبر هذه الزيجة أول تجربة له، قد تكسبه خبرة جديدة، تدفعه للزواج مرة ثانية، ولكن على أسس أخرى.
النموذج السابق للزواج، وهو السائد في سنين الأربعينات والخمسينات، وخاصة في الريف الفلسطيني، لم يعد له وجوداً كبيراً في وقتنا الحاضر، كما هو بالسابق، وإن كانت معظم المناطق الريفية ما زالت متمسكة به، ولكن على أسس أخرى متطورة نسبياً، نتيجة لتطور الوضع الاجتماعي، والتعليمي، والثقافي، الذي بدأ يظهر في الريف، منذ عقود عدة من الزمن.
في المدينة، يختلف الزواج عنه في الريف، يعود لزيادة نسبة المتعلمين بين الشباب والشابات، وزيادة وعي الآباء لدورهم الحالي، ومسؤولياتهم تجاه أبنائهم، وإدراكهم بأن زيجة أبنائهم، يجب أن لا تتم من خلالهم، بل يجب أن تتم من خلال الأبناء، وحسب اختيارهم، لأنهم أدرى باحتياجاتهم، وبالمقاييس التي يضعونها حتى يتمكنوا من مواجهة أعباء الحياة الصعبة، مع شريكة حياتهم، يبقى دور الآباء دوراً مساعداً، وموجهاً، ومشرفاً، وداعماً، لموقف أبنائهم و بناتهم، خاصةً، أن الآباء بالظروف الحالية الصعبة، لا يملكوا الإمكانيات المادية لإتمام عملية الزواج، بالطريقة التي يرغبها أبنائهم بالوقت الحاضر، كما أن التقاليد والقيم والأخلاق والمفاهيم، التي كانت سائدة زمن الآباء والأجداد، لم تعد صالحة بالزمن الحاضر، مع أن الكثير من هذه القيم، قيمة ومفيدة، وكانت تحقق الكثير من احتياجات الوالدين، وتشبع رغباتهم.
شباب وشابات اليوم بدءوا في الوقت الحاضر، من يقرر مصيرهم، سواء على المستوى التعليمي، الذي يرغبون بالوصول إليه، أو طبيعة الأعمال التي يرغبوا بتعلمها، أو يرغبوا بالعمل فيها، كذلك مكان هذا العمل، كذلك بدءوا يقرروا سن زواجهم، ومواصفات وصفات زوجة المستقبل، يودون أن يبنوا حياتهم لبنة لبنة، وعلى أسس راسخة وقوية، فالبناية ذات الأساس المتين، تصمد أمام الكوارث والرياح العاتية، وتعيش فترة زمنية أطول ، الإعداد الذي يرغبه شباب اليوم، قبل إتمام الزواج ، يتطلب منهم وقتاً طويلاً نسبياً، وحتى يصل هذا الشاب إلى مرحلة الزواج التي يكون فيها قادراً على الزواج، بالطريقة التي يريدها، قد يصل عمره إلى سن خمسة وثلاثون عاماً، هذا السن متأخر بضعة سنوات عن السن المناسب للزواج، فالسؤال الذي يطرح نفسه، هل ينتظر الشاب لهذا السن حتى يتزوج؟؟ أم يتزوج في سن مبكرة في الوقت الذي لا يملك فيه الإمكانيات المادية، ولا حتى النفسية، للزواج لتعدد مشاكل الحياة التي يواجهها شباب اليوم.
لا شك أن للزواج المبكر إيجابياته وسلبياته، سواء كان هذا الشخص شاب أو شابه ، فبالنسبة للشابة، إذا ما تأخر زواجها، فالفرصة الذهبية لن تتكرر أمامها مرة أخرى، إذا ما فكرت بتأخير زواجها لبضعة سنين، فقد يفوتها قطار الزواج، وتصبح عانساً كما يقال عنها، وتندم كثيراً بعد أن لا ينفع الندم، ويختلف الأمر بالنسبة للرجل، خاصةً بموضوع " العنوسة " فالشاب يملك فرصة أكبر من الشابة للزواج في مراحل عمره المختلفة، فزواجه المبكر قد يحميه من الانحراف، كما يكون للشاب في هذا السن قدرة على تحمل الظروف القاسية والصعاب، كما أنه يعطي الفرصة للزوج للإنجاب المبكر ومعالجة الوضع الصحي، إذا ما واجهت زوجته أو نفسه مشاكل تتعلق بالحمل وخلافه، كما يكون لدية القدرة على تربية أبناءه وتحمل مشاكلهم بصورة أفضل ، كما أن الفوارق الزمنية بينه وبين أبنائه لن تكون متفاوتة كثيراً، وتكون الفرصة لديه كبيرة، لأن يعلّم أولاده ويؤمن مستقبلهم في حياته، مقارنه فيما لو كان زواجه متأخراً كثيراً، وقد يعيش الزوج في زواجه المبكر الفترة التي يكون عندها أبناءه يعملون ويحصلون على قوتهم من عرق جبينهم، وقد يساعدوه فيما إذا عجز بالصرف على نفسه، وهذا صعب التحقيق إذا ما تزوج الشاب بسن متأخرة، فلن يستطيع أن يرى ثمرة أبنائه، ورغم سلبيات الزواج المبكر القليلة، إلا أنه يجب أخذها بالحسبان، فالزواج المبكر يتطلب توفر الأموال اللازمة، لإتمامه، بشكل ناجح ، ويتطلب خبرة بمواجهة ظروف الحياة ومشاكلها العملية، ويتطلب أن يكون الشاب قادراً على تحمل المسؤولية، ولديه تصور محدد عن الأوضاع المعيشية وكيفية مواجهتها، وتبقى العوامل المادية هي الأساسي في حسم مثل هذا الموضوع.
إنتهى موضوع:الـــزواج والــــزواج المـــبكر الايجابيات والسلبيات
،

ليست هناك تعليقات