تغريدة الشــــــــــعر العربي بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
تغريدة الشــــــــــعر العربي
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
---------------------------------------
((( وطنية شوقي و البارودي في المنفي --- !! )))
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
---------------------------------------
((( وطنية شوقي و البارودي في المنفي --- !! )))
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
" البارودي "
أَحـــرَامٌ على بَلابِلِهِ الدَّوْحُ * حلالٌ للطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِــنْسِ ؟
وطني لو شغلت بالخلد عنه * نازعتني إليه في الخلد نفسي
أَحـــرَامٌ على بَلابِلِهِ الدَّوْحُ * حلالٌ للطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِــنْسِ ؟
وطني لو شغلت بالخلد عنه * نازعتني إليه في الخلد نفسي
" شوقي "
----------------------
----------------------
((( هذا الملف اهداء الي زوجتي أمل العطافي زهرة الوطن دائما ------ !! )))
ان حب الوطن من الايمان و غريزة فطرية جبل عليها الانسان منذ نعومة أظفاره
و قد ضرب رسولنا الكريم أروع القيم الوطنية في حب الموطن و الدفاع عنه كما دعا له من قبل أبو الأنبياء ابراهيم الخليل عليه السلام فحب الوطن واجب فهو الملاذ و أرض المولد و الممات -----
و قد فاضت نبضات و مشاعر الشعراء و الادباء شعرا و نثرا في رحاب الوطن المفدي من المحيط الي الخليج قديما وحديثا شعراء و شاعرات شعرهم عمودي و تفعيلة " حر " ---
و لكننا نتوقف مع مختارات من شعر رائد الشعر الحديث رب السيف و القلم " محمود سامي البارودي " و أمير الشعراء " أحمد شوقي " في المنفي و التي تحمل هوي الوطن و الذكريات الجميلة ----
و قد سبقهما " أبو فراس الحمداني " في الأسر ---
و من ثم تظل روح الوطنية المفعمة بعشق الاوطان هي نبض الشاعر المسكون بعبقرية الابداع و برغم الغربة و الاغتراب و طلسم الذات و المنافي و الارتحال يسافر معه الوطن بلا توقف في شوق وحنين و حلم العودة مهما كانت التكاليف المادية و المعنوية فهذا الغرض انبل و اسمي الاغراض الشعرية التي تحرك فينا المشاعر وروح وصدق الانتماء الحقيقي القائم علي الحب هكذا نتأمل لوحات الشعراء و الوطنيين و من لا يعشق تراب هذا الوطن المفدي الا جاحد و ناكر للجميل --------
و هذه بعض كلمات من قصيدة الامير الفارس الشاعر ( أبو فراس الحمداني ) الذي عبَّر فيها عن شدة ألمه لفراق وطنه وهو بسجنه ببلاد الروم، فعندما سمع هديل حمامة بالقرب من سجنه تذكر أهله ووطنه فقال:
و قد ضرب رسولنا الكريم أروع القيم الوطنية في حب الموطن و الدفاع عنه كما دعا له من قبل أبو الأنبياء ابراهيم الخليل عليه السلام فحب الوطن واجب فهو الملاذ و أرض المولد و الممات -----
و قد فاضت نبضات و مشاعر الشعراء و الادباء شعرا و نثرا في رحاب الوطن المفدي من المحيط الي الخليج قديما وحديثا شعراء و شاعرات شعرهم عمودي و تفعيلة " حر " ---
و لكننا نتوقف مع مختارات من شعر رائد الشعر الحديث رب السيف و القلم " محمود سامي البارودي " و أمير الشعراء " أحمد شوقي " في المنفي و التي تحمل هوي الوطن و الذكريات الجميلة ----
و قد سبقهما " أبو فراس الحمداني " في الأسر ---
و من ثم تظل روح الوطنية المفعمة بعشق الاوطان هي نبض الشاعر المسكون بعبقرية الابداع و برغم الغربة و الاغتراب و طلسم الذات و المنافي و الارتحال يسافر معه الوطن بلا توقف في شوق وحنين و حلم العودة مهما كانت التكاليف المادية و المعنوية فهذا الغرض انبل و اسمي الاغراض الشعرية التي تحرك فينا المشاعر وروح وصدق الانتماء الحقيقي القائم علي الحب هكذا نتأمل لوحات الشعراء و الوطنيين و من لا يعشق تراب هذا الوطن المفدي الا جاحد و ناكر للجميل --------
و هذه بعض كلمات من قصيدة الامير الفارس الشاعر ( أبو فراس الحمداني ) الذي عبَّر فيها عن شدة ألمه لفراق وطنه وهو بسجنه ببلاد الروم، فعندما سمع هديل حمامة بالقرب من سجنه تذكر أهله ووطنه فقال:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة أيا جارتا، لو تشعرين بحالي
. أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا تعالي أقاسمك الهموم تعالي
مع شــــــــعر شوقي و البارودي في المنفي و مدي عمق الوطنية و الشوق و الحنين و الذكريات و حلم العودة الي ربوع الوطن و تقبل هذا الثري و النظر الي جمال النيل الخالد من خلال روائعهم المتعددة ---
مع رب السيف و القلم " البارودي " :
----------------------------------
----------------------------------
ولد شاعرنا محمود سامي البارودي في مصر المحروسة عام 1838م ، و توفي عام 1904 م
من أسرة مؤسرة لها صلة بأمور الحكم و نسأ طموحا يتبوأ مناصب مهمة بعد ان التحق بالسلك العسكري، و قد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربي و لا سيما الأدبي فقرأ دواوين الشعراء و حفظ شعرهم و هو في مقتبل عمرهُ --------
و قد أُعجب بالشعراء المُجدين مثل ابي تمام و البحتري و الشريف الرضي و المتنبي و غيرهم،
و هو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية وتولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار له، لقب برب السيف والقلم.
من أسرة مؤسرة لها صلة بأمور الحكم و نسأ طموحا يتبوأ مناصب مهمة بعد ان التحق بالسلك العسكري، و قد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربي و لا سيما الأدبي فقرأ دواوين الشعراء و حفظ شعرهم و هو في مقتبل عمرهُ --------
و قد أُعجب بالشعراء المُجدين مثل ابي تمام و البحتري و الشريف الرضي و المتنبي و غيرهم،
و هو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية وتولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار له، لقب برب السيف والقلم.
[ حياته في المنفى] :
-------------------
ظل في المنفى بمدينة كولومبو عاصمة سيريلانكا حاليا أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه. وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899م وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ
و بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الإحياء". توفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.
و قال و هو في بلاد الغربي و المنفي بسرنديب :
-------------------
ظل في المنفى بمدينة كولومبو عاصمة سيريلانكا حاليا أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه. وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899م وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ
و بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الإحياء". توفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.
و قال و هو في بلاد الغربي و المنفي بسرنديب :
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني = ذنب أدان به ظـلما و أغترب ...
إني امرؤ لا يرد الخـوف بادرتي و لا يحيف على أخلاقي الغضـب
ملكت حلمي فلم أنطق بمنـدية و صنت عرضي فلم تعلق به الريب
و ما أبالي و نفسي غير خاطئة إذا تخرص أقوام و إن كـــذبوا
و يقول البارودي أيضا :
لكل دمع جرى من مقلة سبـب و كيف يملك دمع العين مكتئب ؟
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين و لا بات قلب في الحشا يجب
فيا آخا العذل , لا تعجل بلائمة علي فالحب سلطان له الغلب
إني امرؤ لا يرد الخـوف بادرتي و لا يحيف على أخلاقي الغضـب
ملكت حلمي فلم أنطق بمنـدية و صنت عرضي فلم تعلق به الريب
و ما أبالي و نفسي غير خاطئة إذا تخرص أقوام و إن كـــذبوا
و يقول البارودي أيضا :
لكل دمع جرى من مقلة سبـب و كيف يملك دمع العين مكتئب ؟
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين و لا بات قلب في الحشا يجب
فيا آخا العذل , لا تعجل بلائمة علي فالحب سلطان له الغلب
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
أثريت مجدا فلم أعبأ بما سلبت أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفسا و هي عالية و لا يشيد بذكر الخامل النشب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
أثريت مجدا فلم أعبأ بما سلبت أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفسا و هي عالية و لا يشيد بذكر الخامل النشب
مع أمير الشعراء أحمد شوقي :
---------------------------
---------------------------
و بعد نفي البارودي يتعرض شوقي لنفس المأساة فيسجل لنا ما فاضت به عواطفه الوطنية بين اغتراب وحنين لمصر العروبة أيضا ----
و الادب و التاريخ لاينسى سنوات المنفى الخمس التي قضاها أمير الشعراء المصري أحمد شوقي في أسبانيا، بعد عزل الخديوي عباس حلمي على يد الاحتلال الإنجليزي، وفرض السلطة العسكرية على مصر إبان الحرب العالمية، والتي كانت من أخصب الفترات الشعرية في حياته، التي كتب فيها أندلسياته، وبلغ فيها قمة الشاعرية والأداء البياني، وكتب فيها سينيته التي أنشأها على وزن سينية البحتري، وهى ملحمة سجل فيها انطباعاته ومشاعره عن الحضارة الإسلامية وآثارها في الأندلس، ولم يغفل عن ذكر وطنه والحنين إليه، وكان مطلعها:
و الادب و التاريخ لاينسى سنوات المنفى الخمس التي قضاها أمير الشعراء المصري أحمد شوقي في أسبانيا، بعد عزل الخديوي عباس حلمي على يد الاحتلال الإنجليزي، وفرض السلطة العسكرية على مصر إبان الحرب العالمية، والتي كانت من أخصب الفترات الشعرية في حياته، التي كتب فيها أندلسياته، وبلغ فيها قمة الشاعرية والأداء البياني، وكتب فيها سينيته التي أنشأها على وزن سينية البحتري، وهى ملحمة سجل فيها انطباعاته ومشاعره عن الحضارة الإسلامية وآثارها في الأندلس، ولم يغفل عن ذكر وطنه والحنين إليه، وكان مطلعها:
اختلافُ النهار والليل يُنْسي أذكرا لِي الصِّبَا وأيامَ أُنْسِي
وله قصيدة أخرى تعتبر من أجمل القصائد التي تضمنتها الشوقيات، ومن أبلغ ما قيل في الوطن والشوق إليه، ولا تقل في جمالها وروعتها عن السينية، عارض فيها قصيدة ابن زيدون النونية، ومطلعاها:
يا نائحَ الطلح أشباهٌ عوادينا نَشْجَى لواديكَ أم نَأسَى لوادينا
و من سنيته الرائعة هذه الأبيات المعبرة عن حاله يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في منفاه :
وسَلا مِصْرَ هَلْ سَلا القَلْبُ عَنْها أَوْ أَسَا جُرْحَهُ الزَّمانُ المُؤَسِّي؟
كُلَّمَا مـــــرَّتِ اللَّيالي عَلَيْه رَقَّ وَالعَهْدُ في اللَّيالي تُقَـسِّي
مُسْـــتَطارٌ إذا البَوَاخِرُ رَنَّتْ أوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ عَوَتْ بَعْـدَ جَرْسِ
رَاهِبٌ في الضُّلوعِ للسُّفْنِ فَطْنٌ كُلَّمَا ثُرْنَ شــــاعَهُنَّ بنَقْسِ
= = =
أَحـــرَامٌ على بَلابِلِهِ الدَّوْحُ حلالٌ للطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِــنْسِ ؟
كُلُّ دَارٍ أَحَــــقُّ بالأَهْلِ إِلا في خبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجـْسِ
نَفَسِي مِرْجَلٌ وقَلْبِي شِــرَاعٌ بهِما في الدُّموعِ سِيرِي وأَرْسِي
وَاجْعَلِي وَجْهَكِ الفَنَارَ ومَجْرَاكِ يَدَ الثَّغْرِ بينَ (رَمْلٍ) وَ (مَكْسِ)
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهفا بالفؤاد في سلســبيل ظمأ للسواد من (عين شمس)
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي
وسَلا مِصْرَ هَلْ سَلا القَلْبُ عَنْها أَوْ أَسَا جُرْحَهُ الزَّمانُ المُؤَسِّي؟
كُلَّمَا مـــــرَّتِ اللَّيالي عَلَيْه رَقَّ وَالعَهْدُ في اللَّيالي تُقَـسِّي
مُسْـــتَطارٌ إذا البَوَاخِرُ رَنَّتْ أوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ عَوَتْ بَعْـدَ جَرْسِ
رَاهِبٌ في الضُّلوعِ للسُّفْنِ فَطْنٌ كُلَّمَا ثُرْنَ شــــاعَهُنَّ بنَقْسِ
= = =
أَحـــرَامٌ على بَلابِلِهِ الدَّوْحُ حلالٌ للطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِــنْسِ ؟
كُلُّ دَارٍ أَحَــــقُّ بالأَهْلِ إِلا في خبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجـْسِ
نَفَسِي مِرْجَلٌ وقَلْبِي شِــرَاعٌ بهِما في الدُّموعِ سِيرِي وأَرْسِي
وَاجْعَلِي وَجْهَكِ الفَنَارَ ومَجْرَاكِ يَدَ الثَّغْرِ بينَ (رَمْلٍ) وَ (مَكْسِ)
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهفا بالفؤاد في سلســبيل ظمأ للسواد من (عين شمس)
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي
((( مع مختارات وروائع خالدة من شعر البارودي في المنفي تترجم لنا صدق وطنيته الجميلة المعبرة عن مشاعره الجياشة ))) :
لكل دمع جرى من مقلة سبـب و كيف يملك دمع العين مكتئب ؟
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين و لا بات قلب في الحشا يجب
فيا آخا العذل , لا تعجل بلائمة علي فالحب سلطان له الغلب
لو كان للمرء عقل يستضيئ به في ظلمة الشك لم تعلق به النوب
و لو تبيّن ما في الغيب من حدث لكان يـعلم ما يـأتي و يجتنب
لكنه غرض للــدهر يرشـقه بأسهم ما لها ريش و لا عقب
فكيف أكتم أشواقي و بي كلف تكاد من مسه الأحشاء تنشعب؟
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
أثريت مجدا فلم أعبأ بما سلبت أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفسا و هي عالية و لا يشيد بذكر الخامل النشب
إني امرؤ لا يرد الخـوف بادرتي و لا يحيف على أخلاقي الغضـب
ملكت حلمي فلم أنطق بمنـدية و صنت عرضي فلم تعلق به الريب
و ما أبالي و نفسي غير خاطئة إذا تخرص أقوام و إن كـــذبوا
ها إنها فرية قد كان بـاء بها في ثوب يوسف من قبلي دم كذب
فإن يكن ساءني دهري و غادرني في غربة ليس لي فيـها آخ حدب
فسوف تصفو الليالي بعد كدرتها و كــل دور إذا مـا تمّ ينقلب
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين و لا بات قلب في الحشا يجب
فيا آخا العذل , لا تعجل بلائمة علي فالحب سلطان له الغلب
لو كان للمرء عقل يستضيئ به في ظلمة الشك لم تعلق به النوب
و لو تبيّن ما في الغيب من حدث لكان يـعلم ما يـأتي و يجتنب
لكنه غرض للــدهر يرشـقه بأسهم ما لها ريش و لا عقب
فكيف أكتم أشواقي و بي كلف تكاد من مسه الأحشاء تنشعب؟
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
أثريت مجدا فلم أعبأ بما سلبت أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفسا و هي عالية و لا يشيد بذكر الخامل النشب
إني امرؤ لا يرد الخـوف بادرتي و لا يحيف على أخلاقي الغضـب
ملكت حلمي فلم أنطق بمنـدية و صنت عرضي فلم تعلق به الريب
و ما أبالي و نفسي غير خاطئة إذا تخرص أقوام و إن كـــذبوا
ها إنها فرية قد كان بـاء بها في ثوب يوسف من قبلي دم كذب
فإن يكن ساءني دهري و غادرني في غربة ليس لي فيـها آخ حدب
فسوف تصفو الليالي بعد كدرتها و كــل دور إذا مـا تمّ ينقلب
===
وهذه القصيدة بديعة أخري للبارودي - تعدواحدة من بكائياته بل من عيون الشعر العربي و التي قالها وهو في منفى في سرنديب - سريلانكا الآن - يحن فيها ويتشوق إلى مصر، ويبكي صديقيه الأديبين: حسين المرصفى، وعبدالله باشا فكري. يقول البارودي:
أين أيام لذتي وشبابي أتراها تعود بعد الذهاب؟
ذاك عهد مضى وأبعد شيء أن يرد الزمان عهد التصابي
فأديرا علي ذكراه، إني منذ فارقته شديد المصاب
كل شيء يسلوه ذو اللب إلا ماضي اللهو في زمان الشباب
ليت شعري متى أرى روضة المنيل ذات النخيل والأعناب
حيث تجري السفين مستبقاتٍ فوق نهر مثل اللجين المذابِ
قد أحاطت بشاطئيه قصور مشرقات يلحن مثل القباب
ملعب تسرح النواظر منه بين أفنان جنة وشعاب
كلما شافه النسيم تراه عاد منه بنفحة كالملاب
ذاك مرعى أنسي، وملعب لهوي وجنى صبوتي ومغنى صحابي
لست أنساه ما حييت وحاشا أن تراني لعهده غير صابي
ليس يرعى حق الوداد ولا يذكر عهدا إلا كريم النصاب
فلئن زال فاشتياقي إليه مثل قولي باق على الأحقاب
يا نديمي من سرنديب كفا عن ملامي، وخلياني لما بي
كيف لا أندب الشباب وقد أصبحت كهلا في محنةٍ واغتراب
أخلق الشيب جدتي وكساني خلعة منه رثة الجلبابِ
ولوى شعر حاجبيّ على عيني حتى أطل كالهداب
لا أرى الشيء حين يسنح إلا كخيال كأنني في ضباب
وإذا ما دعيت صرت كأني أسمع الصوت من وراء حجاب
كلما رمتُ نهضة أقعدتني ونية لا تقلها أعصابي
لم تدع صولة الحوادث مني غير أشلاء همة في ثياب
فجعتني بوالدي وأهلي ثم أنحت تكر في أترابي
كل يوم يزول عني حبيب يالقلبي من فرقة الأحباب
أين مني حسين بل أين عبدالله رب الكمال والآداب
مضيا غير ذكرة وبقاء الذكر فخر يدوم للأعقاب
لم أجد منهما بديلا لنفسي غير حزني عليهما واكتئابي
قد لعمري عرفت دهري فأنكرت أمورا ما كن لي في حساب
وتجنبت صحبة الناس حتى كان عونا على التقاة اجتنابى
لا أبالي بما يقال وإن كنت مليئا برد كل جواب
قد كفاني بعدي عن الناس أني في أمان من غيبة المغتاب
فليقل حاسدي علي كما شاء فسمعي عن الخنا في احتجاب
ليس يخفى علي شيء، ولكن أتغابى والحزم إلف التغابي
وكفى بالمشيب وهو أخو الحزم دليلا إلى طريق الصواب
إنما المرء صورة سوف تبلى وانتهاء العمران بدء، الخراب
ذاك عهد مضى وأبعد شيء أن يرد الزمان عهد التصابي
فأديرا علي ذكراه، إني منذ فارقته شديد المصاب
كل شيء يسلوه ذو اللب إلا ماضي اللهو في زمان الشباب
ليت شعري متى أرى روضة المنيل ذات النخيل والأعناب
حيث تجري السفين مستبقاتٍ فوق نهر مثل اللجين المذابِ
قد أحاطت بشاطئيه قصور مشرقات يلحن مثل القباب
ملعب تسرح النواظر منه بين أفنان جنة وشعاب
كلما شافه النسيم تراه عاد منه بنفحة كالملاب
ذاك مرعى أنسي، وملعب لهوي وجنى صبوتي ومغنى صحابي
لست أنساه ما حييت وحاشا أن تراني لعهده غير صابي
ليس يرعى حق الوداد ولا يذكر عهدا إلا كريم النصاب
فلئن زال فاشتياقي إليه مثل قولي باق على الأحقاب
يا نديمي من سرنديب كفا عن ملامي، وخلياني لما بي
كيف لا أندب الشباب وقد أصبحت كهلا في محنةٍ واغتراب
أخلق الشيب جدتي وكساني خلعة منه رثة الجلبابِ
ولوى شعر حاجبيّ على عيني حتى أطل كالهداب
لا أرى الشيء حين يسنح إلا كخيال كأنني في ضباب
وإذا ما دعيت صرت كأني أسمع الصوت من وراء حجاب
كلما رمتُ نهضة أقعدتني ونية لا تقلها أعصابي
لم تدع صولة الحوادث مني غير أشلاء همة في ثياب
فجعتني بوالدي وأهلي ثم أنحت تكر في أترابي
كل يوم يزول عني حبيب يالقلبي من فرقة الأحباب
أين مني حسين بل أين عبدالله رب الكمال والآداب
مضيا غير ذكرة وبقاء الذكر فخر يدوم للأعقاب
لم أجد منهما بديلا لنفسي غير حزني عليهما واكتئابي
قد لعمري عرفت دهري فأنكرت أمورا ما كن لي في حساب
وتجنبت صحبة الناس حتى كان عونا على التقاة اجتنابى
لا أبالي بما يقال وإن كنت مليئا برد كل جواب
قد كفاني بعدي عن الناس أني في أمان من غيبة المغتاب
فليقل حاسدي علي كما شاء فسمعي عن الخنا في احتجاب
ليس يخفى علي شيء، ولكن أتغابى والحزم إلف التغابي
وكفى بالمشيب وهو أخو الحزم دليلا إلى طريق الصواب
إنما المرء صورة سوف تبلى وانتهاء العمران بدء، الخراب
هذه كانت أبرز محطات الغربة و الاغتراب و المنافي في شعر البارودي و شوقي حيث الوطنية الصادقة المعبرة و المؤثرة من خلال تأملاتنا حول رحلة الشوق و الحنين و حلم العودة و التغني بالاوطان دائما
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
ليست هناك تعليقات