أحدث المواضيع

لقيطة .... بقلم / سليم عوض عيشان

" لقيطة "
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونه )
*****************************
قال تعالى :
" واعتبروا يا أولى الأبصار "
( صدق الله العظيم )


" فاتعظوا يا أولي الألباب "

.. فهل من متعظ ؟؟؟؟

تنويه :
أحداث وشخوص النص حدثت على أرض الواقع .. ولا فضل للكاتب على النص .. اللهم سوى الصياغة الأدبية .. فحسب .

( الكاتب )
---------------------------


" لقيطة "

.. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة .. ترتدي الملابس السوداء القاتمة فتشارك الظلمة الحالكة حلكتها .. تتلفت يمنة ويسرة وهي تحث الخطى مسرعة نحو الهدف المنشود .. يبدو بأنها كانت تحمل بين يديها شيئا ما .. تخفيه داخل ملابسها السوداء القاتمة الكثيفة الفضفاضة ..
لا تلبث أن تضم ما تحمله بقوة إلى صدرها .. وتتلفت حولها في كل خطوة تخطوها وكأنها تتوجس خيفة .
تحث الخطى بشكل أسرع .. وهي تحس بأنها قد اقتربت من المكان الذي كانت تقصده بالفعل .
لا تلبث أن تصل إلى المكان .. تتوقف للحظات .. وكأنها تلتقط أنفاسها اللاهثة .. أو لعلها كانت تستعيد توازنها ... أو أنها تعيد ترتيب أفكارها المبعثرة من جديد ..
تتلفت حولها إلى جميع الجهات بحركة لولبية سريعة .. لا تلبث أن تطمئن بأن لا أحد يراقبها أو يتبعها ..
تخرج ما كانت تحمله بين يديها داخل ملابسها السوداء الكثيفة .. تضعه بسرعة على الأرض .. ثم تغادر المكان بسرعة وهي لا تلوي على شيء .
.. ما هي سوى لحظات يسيرة .. حتى كان صوت المؤذن يرتفع مدويا مجلجلاَ في جنبات المكان من فوق المئذنة الشاهقة .. فيختلط صوت المؤذن بصوت طفلة وليدة .. كانت في تلك اللفافة الملقاة أمام الباب الخارجي للمسجد .
* * *
عندما كان الرجل يهم بالدخول إلى المسجد من الباب الخارجي الكبير لتأدية فريضة صلاة الفجر .. ومن بين جحافل الظلمة الحالكة المطبقة على المكان برمته .. خيل إليه بأنه يسمع صوت بكاء خافت لطفلة وليدة .. هم بدخول المسجد بعد أن توقف صوت بالبكاء الخافت .
لم يلبث الصوت الخافت لبكاء الطفلة الوليدة أن ارتفع مرة أخرى وبشكل متواصل أكثر ارتفاعا عن ذي قبل .. وكأنه ينبه الرجل لوجوده في المكان .
تراجع الرجل عن دخول المسجد .. التفت حوله في كل الاتجاهات وهو يبحث بناظريه عن مصدر الصوت .. راح يدقق النظر في كل ناحية .. إلى أن وقع بصره في النهاية على تلك اللفافة الملقاة قريبا من باب المسجد الخارجي .. ولاحظ بأنها مصدر الصوت .. والحركة .. والبكاء .
اقترب الرجل من تلك اللفافة أكثر .. بينما صوت البكاء الطفولي للوليدة ما زال متواصلا بشكل غريب .. جلس القرفصاء إلى جانب اللفافة .. ازداد البكاء حدة .. أخذ الرجل يردد البسملة والحوقلة والعذبلة .
مد بكلتا يديه نحوها ...تناولها ورفعها عن الأرض راح يتلو عليها ما تيسر من القرآن الكريم ومن الأدعية .. لم تلبث الطفلة الوليدة أن كفت عن البكاء والحركة .. هدأت تماما .. ثم نامت .
حمل اللفافة بين يديه .. دخل بها إلي داخل المسجد .. وضعها في ركن قصيّ .. وراح يقف في الصف الطويل من المصلين لتأدية صلاة الفجر .. بعد أن كبر الإمام بتكبيرة الإحرام .
ما إن قام الإمام والمصلون بالسلام الأيمن والأيسر .. إيذانا بانتهاء الصلاة .. حتى بدأوا بالتسبيح والتكبير .. ثم أخذوا في مغادرة المسجد زرافات ووحدانا ..
نهض الرجل من مكانه لكي يغادر المسجد .. توجه ناحية اللفافة التي كان قد وضعها في الركن القصيّ من المسجد .. والتي تحوي الطفلة الوليدة التي كانت تنام بهدوء ودعة .
حملها بين ذراعيه بهدوء .. وغادر المكان .

استقبلته زوجته بالدعاء والترحيب والابتسامة العريضة .. ولكن كل هذا وذاك تلاشى بمجرد أن وقع بصرها على اللفافة التي كان يحملها بين ذراعيه .. وكأنها تتساءل عن سر هذا الأمر ؟؟!!؟؟ .
ابتسم الرجل ابتسامة عريضة.. وقد أدرك ما يدور في ذهن زوجته من خواطر وأفكار .
جلس على أقرب مقعد .. وراح يروي لها حقيقة ما حدث ..

هتفت زوجته بحروف وكلمات ممزوجة بالألم :
- " .. سامح الله أمها .. سامح الله أباها ... سامحهم الله جميعا وغفر لهم " .
 راحت تحمل اللفافة بين يديها برفق وهدوء .. وهي تتمتم بالأدعية والآيات القرآنية .

لم تلبث أن راحت توضح لزوجها بأنه من المستحيل أن يحتفظا بالطفلة الوليدة .. لأن وضعهما المادي المتردي لا يسمح لهما بالقيام بأعباء تربيتها .. خاصة وأن لديهما عددا لا بأس به من الأطفال .. الإناث والذكور .

في النهاية ... أشارت عليه بأن يحاول الاتصال بأحد جيرانهم الذي كان ميسور الحال .. والذي لم يرزق سوى بطفل واحد .. رغم أنه قد انقضى على زواجه أكثر من عشرة أعوام .

اقتنع الرجل بفكرة زوجته .. وما إن كانت الشمس تتوسط السماء ؛ حتى كان يستأذن جاره بالزيارة .

راح يشرح لجاره سبب الزيارة .. أطلعه على رغبته بأن يقوم ذلك الجار بكفالة الطفلة الوليدة .. رعايتها وتربيتها ..
يبدو بأن الجار قد تفهم الأمر بشكل جيد .. رحب بالفكرة بسرعة .. وتم الأمر بين الرجلين بشكل تام وعلى خير ما يرام .
* * *
عندما بلغت الطفلة ربيعها الخامس عشر .. كانت قد أصبحت كالوردة المتفتحة الجميلة الراقية .
كانت فتاة مكتملة الأنوثة .. رائعة الجمال .. الحسن والدلال .. شديدة السحر والجاذبية .
ثمة أمر ما .. عكر صفو تلك الصورة المشرقة .. وهذا الجمال الأخاذ .. وتلك الجاذبية وذلك التناسق الرائع للجسد الأنثوي الطاغي ..

بطن الطفلة ... كان منتفخا بشكل غير عادي .. فثمة حركة غريبة تدور داخل بطنها ؟؟؟!!!؟؟؟ .

انتفاخ البطن بلغ مداه في الشهور والأيام الأخيرة .. والحركة التي تدور بداخل البطن بلغت ذروتها .. وكان لا بد من خروج ذلك الجنين الذي كان يرقد في البطن إلى العالم الخارجي .

راحت الفتاة تكابد آلام المخاض القاسية في الركن القصيّ وحيدة .. لم تلبث صاحبة المنزل أن تنبهت للأمر .. دنت من الفتاة تستطلع حقيقة ما يجري من أمور .. راحت الفتاة تتفوه بحروف وكلمات متحشرجة من خلال الدموع والعبرات الكثيفة .

هيء للمرأة صاحبة البيت بأنها قد عرفت سر الأمر .. وأدركت شخصية من قام بتلك الفعلة الشنعاء مع الفتاة الجميلة .

.. استدعت ولدها الوحيد الشاب على وجه السرعة ... سألته عن حقيقة الأمر .. وتساءلت بحدة :
- " لماذا فعلت ذلك مع الفتاة " ؟؟

أنكر ابنها الشاب الأمر .. ودفع التهمة عن نفسه .. وصرخ محتداً بأنه لم يفعل ذلك مع الفتاة بالمطلق ... وأن من فعل ذلك .. هو .. أبيه ؟؟!! .

شدهت المرأة .. فغرت فاه الدهشة .. وقبل أن تتمالك نفسها .. كانت توجه صفعة قوية إلى وجه .. الفتاة ؟؟!!؟؟ .

استدعت زوجها على وجه السرعة .. واجهته بالحقيقية التي اعترف بها الابن .. فغر الأب فاه الدهشة .. راح يدفع التهمة عن نفسه .. وراح يقسم بأغلظ الإيمان بأنه لم يقترف تلك الفعلة مع الفتاة .. وأن من ارتكب ذلك هو ابنهما الشاب ..

أصابت الدهشة المرأة مرة أخرى .. وقبل أن تتمالك نفسها .. كانت تقوم بتوجيه صفعتين قويتين إلى وجه .. الفتاة ؟؟؟!!!؟؟؟ .

الفتاة .. لا زالت تبكي وتئن وهي تعاني وطأة المخاض الشديد .. ووطأة الألم النفسي القاسي .. ووطأة الصفعات القوية المتتالية .

اندفعت المرأة ناحية الفتاة .. التي كانت تكابد الآلام العديدة المبرحة .. أمسكت بها من شعرها بقوة .. راحت تهزها بعنف وعنجهية وقسوة .. وهي تصرخ بها :
- " من فعل بك ذلك ؟؟؟ من ؟؟ .. اعترفي ؟؟ . "

من بين الدموع المنهمرة كالمطر .. ومن بين الآلام الجسدية والنفسية الرهيبة .. كانت الفتاة تتمتم بصوت كحشرجة الموتى .. أو كأنه يأتي من داخل القبور .. أو من وراء الجبال :
- " كلاهما .. كلاهما تناوبا الأمر ... الأب والابن .. ولسنوات طويلة .. ومنذ كنت طفلة صغيرة ... " . ؟؟!!؟؟ .

ثلاث صفعات قوية رهيبة متتالية . كانت توجهها المرأة إلى وجه الفتاة الجميلة .. ثم تقوم بطردها من المنزل شر طرده ..!!! .

.. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة .. ترتدي الملابس السوداء القاتمة فتشارك الظلمة الحالكة حلكتها .. تتلفت يمنة ويسرة وهي تحث الخطى مسرعة نحو الهدف المنشود .. يبدو بأنها كانت تحمل بين يديها شيئا ما .. تخفيه داخل ملابسها السوداء القاتمة الكثيفة الفضفاضة ..
لا تلبث أن تضم ما تحمله بقوة إلى صدرها .. وتتلفت حولها في كل خطوة تخطوها وكأنها تتوجس خيفة .
تحث الخطى بشكل أسرع .. وهي تحس بأنها قد اقتربت من المكان الذي كانت تقصده بالفعل .
لا تلبث أن تصل إلى المكان .. تتوقف للحظات .. وكأنها تلتقط أنفاسها اللاهثة .. أو لعلها كانت تستعيد توازنها ... أو أنها تعيد ترتيب أفكارها المبعثرة من جديد ..
تتلفت حولها إلى جميع الجهات بحركة لولبية سريعة .. لا تلبث أن تطمئن بأن لا أحد يراقبها أو يتبعها ..
تخرج ما كانت تحمله بين يديها داخل ملابسها السوداء الكثيفة .. تضعه بسرعة على الأرض .. ثم تغادر المكان بسرعة وهي لا تلوي على شيء .

.. ما هي سوى لحظات يسيرة .. حتى كان صوت المؤذن يرتفع مدويا مجلجلاَ في جنبات المكان من فوق المئذنة الشاهقة .. فيختلط صوت المؤذن بصوت طفلة وليدة .. كانت في تلك اللفافة الملقاة أمام الباب الخارجي للمسجد .

قبل أن تبتعد الفتاة وهي تغادر المكان بسرعة .. كانت تصطدم بها امرأة أخرى .. تتسربل في الملابس السوداء الداكنة .. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة وهي تقترب من المكان بسرعة ولهفة .. تتلفت حولها في كل ناحية بحركات سريعة وعصبية .. وكأنها أصيب بالجنون ..

راحت المرأة تبحث بناظريها في كل الأرجاء .. وتبحث في كل الأنحاء ... كانت تبحث عن لفافة ترقد بداخلها طفلة وليدة .. كانت قد ألقت بها أمام باب المسجد .. منذ أكثر خمسة عشر عاما خلت ؟؟؟!!!؟؟؟ ..
 لقيطة "
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونه )
*****************************
قال تعالى :
" واعتبروا يا أولى الأبصار "
( صدق الله العظيم )

" فاتعظوا يا أولي الألباب "

.. فهل من متعظ ؟؟؟؟

تنويه :
أحداث وشخوص النص حدثت على أرض الواقع .. ولا فضل للكاتب على النص .. اللهم سوى الصياغة الأدبية .. فحسب .

( الكاتب )
---------------------------

" لقيطة "

.. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة .. ترتدي الملابس السوداء القاتمة فتشارك الظلمة الحالكة حلكتها .. تتلفت يمنة ويسرة وهي تحث الخطى مسرعة نحو الهدف المنشود .. يبدو بأنها كانت تحمل بين يديها شيئا ما .. تخفيه داخل ملابسها السوداء القاتمة الكثيفة الفضفاضة ..
لا تلبث أن تضم ما تحمله بقوة إلى صدرها .. وتتلفت حولها في كل خطوة تخطوها وكأنها تتوجس خيفة .
تحث الخطى بشكل أسرع .. وهي تحس بأنها قد اقتربت من المكان الذي كانت تقصده بالفعل .
لا تلبث أن تصل إلى المكان .. تتوقف للحظات .. وكأنها تلتقط أنفاسها اللاهثة .. أو لعلها كانت تستعيد توازنها ... أو أنها تعيد ترتيب أفكارها المبعثرة من جديد ..
تتلفت حولها إلى جميع الجهات بحركة لولبية سريعة .. لا تلبث أن تطمئن بأن لا أحد يراقبها أو يتبعها ..
تخرج ما كانت تحمله بين يديها داخل ملابسها السوداء الكثيفة .. تضعه بسرعة على الأرض .. ثم تغادر المكان بسرعة وهي لا تلوي على شيء .
.. ما هي سوى لحظات يسيرة .. حتى كان صوت المؤذن يرتفع مدويا مجلجلاَ في جنبات المكان من فوق المئذنة الشاهقة .. فيختلط صوت المؤذن بصوت طفلة وليدة .. كانت في تلك اللفافة الملقاة أمام الباب الخارجي للمسجد .
* * *
عندما كان الرجل يهم بالدخول إلى المسجد من الباب الخارجي الكبير لتأدية فريضة صلاة الفجر .. ومن بين جحافل الظلمة الحالكة المطبقة على المكان برمته .. خيل إليه بأنه يسمع صوت بكاء خافت لطفلة وليدة .. هم بدخول المسجد بعد أن توقف صوت بالبكاء الخافت .
لم يلبث الصوت الخافت لبكاء الطفلة الوليدة أن ارتفع مرة أخرى وبشكل متواصل أكثر ارتفاعا عن ذي قبل .. وكأنه ينبه الرجل لوجوده في المكان .
تراجع الرجل عن دخول المسجد .. التفت حوله في كل الاتجاهات وهو يبحث بناظريه عن مصدر الصوت .. راح يدقق النظر في كل ناحية .. إلى أن وقع بصره في النهاية على تلك اللفافة الملقاة قريبا من باب المسجد الخارجي .. ولاحظ بأنها مصدر الصوت .. والحركة .. والبكاء .
اقترب الرجل من تلك اللفافة أكثر .. بينما صوت البكاء الطفولي للوليدة ما زال متواصلا بشكل غريب .. جلس القرفصاء إلى جانب اللفافة .. ازداد البكاء حدة .. أخذ الرجل يردد البسملة والحوقلة والعذبلة .
مد بكلتا يديه نحوها ...تناولها ورفعها عن الأرض راح يتلو عليها ما تيسر من القرآن الكريم ومن الأدعية .. لم تلبث الطفلة الوليدة أن كفت عن البكاء والحركة .. هدأت تماما .. ثم نامت .
حمل اللفافة بين يديه .. دخل بها إلي داخل المسجد .. وضعها في ركن قصيّ .. وراح يقف في الصف الطويل من المصلين لتأدية صلاة الفجر .. بعد أن كبر الإمام بتكبيرة الإحرام .
ما إن قام الإمام والمصلون بالسلام الأيمن والأيسر .. إيذانا بانتهاء الصلاة .. حتى بدأوا بالتسبيح والتكبير .. ثم أخذوا في مغادرة المسجد زرافات ووحدانا ..
نهض الرجل من مكانه لكي يغادر المسجد .. توجه ناحية اللفافة التي كان قد وضعها في الركن القصيّ من المسجد .. والتي تحوي الطفلة الوليدة التي كانت تنام بهدوء ودعة .
حملها بين ذراعيه بهدوء .. وغادر المكان .

استقبلته زوجته بالدعاء والترحيب والابتسامة العريضة .. ولكن كل هذا وذاك تلاشى بمجرد أن وقع بصرها على اللفافة التي كان يحملها بين ذراعيه .. وكأنها تتساءل عن سر هذا الأمر ؟؟!!؟؟ .
ابتسم الرجل ابتسامة عريضة.. وقد أدرك ما يدور في ذهن زوجته من خواطر وأفكار .
جلس على أقرب مقعد .. وراح يروي لها حقيقة ما حدث ..

هتفت زوجته بحروف وكلمات ممزوجة بالألم :
- " .. سامح الله أمها .. سامح الله أباها ... سامحهم الله جميعا وغفر لهم " .
راحت تحمل اللفافة بين يديها برفق وهدوء .. وهي تتمتم بالأدعية والآيات القرآنية .

لم تلبث أن راحت توضح لزوجها بأنه من المستحيل أن يحتفظا بالطفلة الوليدة .. لأن وضعهما المادي المتردي لا يسمح لهما بالقيام بأعباء تربيتها .. خاصة وأن لديهما عددا لا بأس به من الأطفال .. الإناث والذكور .

في النهاية ... أشارت عليه بأن يحاول الاتصال بأحد جيرانهم الذي كان ميسور الحال .. والذي لم يرزق سوى بطفل واحد .. رغم أنه قد انقضى على زواجه أكثر من عشرة أعوام .

اقتنع الرجل بفكرة زوجته .. وما إن كانت الشمس تتوسط السماء ؛ حتى كان يستأذن جاره بالزيارة .

راح يشرح لجاره سبب الزيارة .. أطلعه على رغبته بأن يقوم ذلك الجار بكفالة الطفلة الوليدة .. رعايتها وتربيتها ..
يبدو بأن الجار قد تفهم الأمر بشكل جيد .. رحب بالفكرة بسرعة .. وتم الأمر بين الرجلين بشكل تام وعلى خير ما يرام .
* * *
عندما بلغت الطفلة ربيعها الخامس عشر .. كانت قد أصبحت كالوردة المتفتحة الجميلة الراقية .
كانت فتاة مكتملة الأنوثة .. رائعة الجمال .. الحسن والدلال .. شديدة السحر والجاذبية .
ثمة أمر ما .. عكر صفو تلك الصورة المشرقة .. وهذا الجمال الأخاذ .. وتلك الجاذبية وذلك التناسق الرائع للجسد الأنثوي الطاغي ..

بطن الطفلة ... كان منتفخا بشكل غير عادي .. فثمة حركة غريبة تدور داخل بطنها ؟؟؟!!!؟؟؟ .

انتفاخ البطن بلغ مداه في الشهور والأيام الأخيرة .. والحركة التي تدور بداخل البطن بلغت ذروتها .. وكان لا بد من خروج ذلك الجنين الذي كان يرقد في البطن إلى العالم الخارجي .

راحت الفتاة تكابد آلام المخاض القاسية في الركن القصيّ وحيدة .. لم تلبث صاحبة المنزل أن تنبهت للأمر .. دنت من الفتاة تستطلع حقيقة ما يجري من أمور .. راحت الفتاة تتفوه بحروف وكلمات متحشرجة من خلال الدموع والعبرات الكثيفة .

هيء للمرأة صاحبة البيت بأنها قد عرفت سر الأمر .. وأدركت شخصية من قام بتلك الفعلة الشنعاء مع الفتاة الجميلة .

.. استدعت ولدها الوحيد الشاب على وجه السرعة ... سألته عن حقيقة الأمر .. وتساءلت بحدة :
- " لماذا فعلت ذلك مع الفتاة " ؟؟

أنكر ابنها الشاب الأمر .. ودفع التهمة عن نفسه .. وصرخ محتداً بأنه لم يفعل ذلك مع الفتاة بالمطلق ... وأن من فعل ذلك .. هو .. أبيه ؟؟!! .

شدهت المرأة .. فغرت فاه الدهشة .. وقبل أن تتمالك نفسها .. كانت توجه صفعة قوية إلى وجه .. الفتاة ؟؟!!؟؟ .

استدعت زوجها على وجه السرعة .. واجهته بالحقيقية التي اعترف بها الابن .. فغر الأب فاه الدهشة .. راح يدفع التهمة عن نفسه .. وراح يقسم بأغلظ الإيمان بأنه لم يقترف تلك الفعلة مع الفتاة .. وأن من ارتكب ذلك هو ابنهما الشاب ..

أصابت الدهشة المرأة مرة أخرى .. وقبل أن تتمالك نفسها .. كانت تقوم بتوجيه صفعتين قويتين إلى وجه .. الفتاة ؟؟؟!!!؟؟؟ .

الفتاة .. لا زالت تبكي وتئن وهي تعاني وطأة المخاض الشديد .. ووطأة الألم النفسي القاسي .. ووطأة الصفعات القوية المتتالية .

اندفعت المرأة ناحية الفتاة .. التي كانت تكابد الآلام العديدة المبرحة .. أمسكت بها من شعرها بقوة .. راحت تهزها بعنف وعنجهية وقسوة .. وهي تصرخ بها :
- " من فعل بك ذلك ؟؟؟ من ؟؟ .. اعترفي ؟؟ . "

من بين الدموع المنهمرة كالمطر .. ومن بين الآلام الجسدية والنفسية الرهيبة .. كانت الفتاة تتمتم بصوت كحشرجة الموتى .. أو كأنه يأتي من داخل القبور .. أو من وراء الجبال :
- " كلاهما .. كلاهما تناوبا الأمر ... الأب والابن .. ولسنوات طويلة .. ومنذ كنت طفلة صغيرة ... " . ؟؟!!؟؟ .

ثلاث صفعات قوية رهيبة متتالية . كانت توجهها المرأة إلى وجه الفتاة الجميلة .. ثم تقوم بطردها من المنزل شر طرده ..!!! .

.. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة .. ترتدي الملابس السوداء القاتمة فتشارك الظلمة الحالكة حلكتها .. تتلفت يمنة ويسرة وهي تحث الخطى مسرعة نحو الهدف المنشود .. يبدو بأنها كانت تحمل بين يديها شيئا ما .. تخفيه داخل ملابسها السوداء القاتمة الكثيفة الفضفاضة ..
لا تلبث أن تضم ما تحمله بقوة إلى صدرها .. وتتلفت حولها في كل خطوة تخطوها وكأنها تتوجس خيفة .
تحث الخطى بشكل أسرع .. وهي تحس بأنها قد اقتربت من المكان الذي كانت تقصده بالفعل .
لا تلبث أن تصل إلى المكان .. تتوقف للحظات .. وكأنها تلتقط أنفاسها اللاهثة .. أو لعلها كانت تستعيد توازنها ... أو أنها تعيد ترتيب أفكارها المبعثرة من جديد ..
تتلفت حولها إلى جميع الجهات بحركة لولبية سريعة .. لا تلبث أن تطمئن بأن لا أحد يراقبها أو يتبعها ..
تخرج ما كانت تحمله بين يديها داخل ملابسها السوداء الكثيفة .. تضعه بسرعة على الأرض .. ثم تغادر المكان بسرعة وهي لا تلوي على شيء .

.. ما هي سوى لحظات يسيرة .. حتى كان صوت المؤذن يرتفع مدويا مجلجلاَ في جنبات المكان من فوق المئذنة الشاهقة .. فيختلط صوت المؤذن بصوت طفلة وليدة .. كانت في تلك اللفافة الملقاة أمام الباب الخارجي للمسجد .

قبل أن تبتعد الفتاة وهي تغادر المكان بسرعة .. كانت تصطدم بها امرأة أخرى .. تتسربل في الملابس السوداء الداكنة .. تتلحف بدياجي الظلمة الحالكة وهي تقترب من المكان بسرعة ولهفة .. تتلفت حولها في كل ناحية بحركات سريعة وعصبية .. وكأنها أصيب بالجنون ..

راحت المرأة تبحث بناظريها في كل الأرجاء .. وتبحث في كل الأنحاء ... كانت تبحث عن لفافة ترقد بداخلها طفلة وليدة .. كانت قد ألقت بها أمام باب المسجد .. منذ أكثر خمسة عشر عاما خلت ؟؟؟!!!؟؟؟ ..

ليست هناك تعليقات