ج 5 ـ رواية نهاية علي وقع الدموع **بقلم : عبد الرحيم دليل **
***الفصل الخامس***
كان 'حازم' و'عفاف' يسيران ويتأملا ما حولهما من أشجار مزهرة، وأنواع مختلفة من الحيوانات والطيور تمر من أمامهما من حين لآخر، كانت حقا أعظم رحلة يقوم بها 'حازم' طيلة حياته، فهو لم يستمتع قط برحلات كهذه في صغره.
ولكن بعد مدة وجيزة من السير توقف ‘حازم' وصرخ بأعلى صوته:" يا إلهي لقد نسيت تماما أن أدفع الأجرة لصاحب الفندق"
ردت عليه 'عفاف':" لا بأس فلم يكن ذاك الفندق يستحق ذاك الثمن الباهظ"
قال لها حازم:" كلا هذه سرقة، علينا أن نعود ونسدد ذاك الدين"
" لقد فات الأوان على ذلك، لأن هدفي الآن هو حياتك"، صدرت هذه الكلمات من بين الأشجار، جعلت كلاهما يفزع للحظة، ويقترب الواحد من الآخر، وأخذا استعدادهما للمواجهة.
قالت 'عفاف':" من الذي تكلم الآن؟"
أجابها 'حازم':" أنا لا أدري"
ومن بين الأشجار الكثيفة ظهر أمامهما صاحب الفندق رفقة من كانوا حاضرين معه في المقهى ذلك اليوم، كانوا يحملون عصيا طويلة وهراوات، كأنهم أتوا للقتال.
قال 'حازم' محاولا تخفيف غضب صاحب الفندق:" هذا أنت... إننا آسفان كثيرا على مغادرتنا المفاجأة، ولكن كنا سنعود الآن حتى ندفع لك خذ هذه هي نقودك"
رد عليه 'النادل':" أظن بأنك لم تسمعني جيدا، قلت لك أنني أريد حياتك الآن لم تعد الأموال تهمي"
قال له 'حازم':" ما الذي تهذي به يا رجل!؟"
رد عليه:" أنت الولد الذي يبحث عنه زعيمنا، ولذلك سوف نآخذك إليه حتى ننال المكافأة"
عندها قالت 'عفاف':" لقد كنت أشعر بهذا، أنتم أتباع في تلك المنظمة الشريرة، أرأيت قلت لك أنني أحسست بخطب ما"
رد عليها 'حازم':" حسنا لقد فعلتي، ولكن الأوان قد فات الآن"
كان كل من 'حازم' و'عفاف' منهكا بسبب النزال الذي دار في تلك القرية، وكذلك لم يتناولا طعاما منذ أمس، ولذلك كانت تبدو هذه المهمة مستحيلة، ومع ذلك قررا القتال.
أصدر النادل أمرا بالهجوم، فاندفعوا بسرعة نحوهما وقبل أن يصلوا اليهما...
فجأة انفجر دخان ابيض غشي الجميع.
قالت 'عفاف' لـ'حازم': ما الذي حدث يا 'حازم'؟"
رد عليها 'حازم':" هل تظنين أنني أعرف كل إجابات الظواهر الغريبة؟"
" آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ"
تعالت صرخات الأعداء دفعة واحدة، ولكن بعد مدة بدأت تخبوا ثم عم الصمت المكان.
وعندما بدأ الدخان الأبيض ينجلي، كان كل الأشرار قد صاروا جثث هامدة مسطحة على الأرض، وكأن دولابا عملاقا مر عليهم.
كان يبدوا غير بعيد عن 'حازم' و'عفاف' أن رجلا قادم باتجاههما، لديه عضلات مفتولة وبارزة، وجسمه متكامل البنية وله شعر قصير موجه نحو الأعلى، ويضع وشاحا أبيض طويل عصبة على رأسه، ويرتدي سروالا شبه ممزقة عند الركبة وقميص خفيف ورقيق حتى يظهر تلك العضلات القوية تماما مثل مقاتلي الشوارع المتشردين والأقوياء.
قال 'حازم':" 'عفاف'، من يكون هذا الشاب القوي!؟"
ردت عليه:" أنا لا أدري، لم أرى مثله في حياتي، لكنه وسيم أجمل منك كثيرا"
رد عليها ساخرا:" ماذا تقولين؟"
قالت:" الحقيقة"
قال لها:" يا للفتيات، أخبريني هل هذا الشاب في صفنا؟"
ردت عليه:" بالطبع نعم فكيف أنقذنا إذا؟"
اقترب منهما ذلك الشاب وحدق بهما طويلا ثم قال:" عزيزاي يا للأسف، أظن أن المدرب 'زياد' لم يكن موفقا في اختياره، أنتما لا تصلحا حتى على مقاتلة النمل".
اشتعل كل منهما غضبا ونظرا إليه بكره شديد.
رد عليه 'حازم':" هاي... يا هذا، نحن لم نعرف بعد من تكون لكن لا اسمح لأي كان أن ينعتني بالجبان هل فهمت هذا، ثم إننا لم نطلب إليك المساعدة فنحن قادران على انجاز هذا العمل بمفردنا، أليس كذلك؟؟"
قال له ذاك الشاب:" حقا‼ أنا رأيت عكس ذلك، كنتما تبدوان ضعيفان جدا، مثل المسنين"
قالت له 'عفاف':" وقح، هيا لنغادر فأنا لا أحب المغترين بأنفسه"
قال 'حازم':" لقد غيرت رأيها أخيرا"
وعندما هما بالمغادرة، أسرع الشاب نحوهما وطلب منهما أن يتوقفا حتى يواصل كلامه.
قال لهما:" أرجوكما توقفا لقد كنت أمزح معكما فقط، أنا أدعى 'فارس' تلميذ عند المدرب 'زياد'، تدربت على يده في 'بلاد الأغادير' وأنا أعرف الطريق إليها جيدا، سمعت حديثكما صدفة عندما كنتما تبحثان عن فندق، ثم وردني طلب مرافقتكما من المدرب 'زياد'"
قال 'حازم':" آه... إذا شخص آخر يرسله دون أن يعلمني!؟ ترى ما الذي تخطط له يا أستاذي العزيز؟"
قالت 'عفاف' لـ'فارس':" لم يسبق أن قال لي العم 'زياد' أنه كان مدربا ولديه تلاميذ!"
أجابها 'حازم':" إن لذاك الشخص الغاز كثيرة تحتاج أن تكشف، ولكن هل كل تلامذته كثيري الكلام؟"
ردت عليه 'عفاف':" ماذا قلت لك حول تحسين الألفاظ؟ آه... لقد تذكرت اسأله عن تلك الرسالة ما إذا كان هو الذي احظرها، فأنا أفكر فيها منذ وجدناها"
تقدم منه 'حازم' وانحنى أمامه قليلا ليبدي له الاحترام ثم قال:" حسنا يا سيد 'فارس'، هل لي بسؤال؟"
رد عليه 'فارس':" نادني 'فارس' أولا، وتوقف عن هذا التصرف الأحمق"
سأله 'حازم':" قلت أنك التقيت بنا قبل أن ندخل إلى الفندق، أليس كذلك؟"
أجابه 'فارس':" بالطبع هذا صحيح، هل هناك شيء؟"
قال له 'حازم':" أجل هناك أمر يقلقنا، هل أنت من قدم لنا هذه الرسالة عندما كنا نائمان في ذاك الفندق؟ أو رأيت شخصا غريبا يفعل ذلك؟"
أمسك 'فارس' الرسالة وأخذ يحاول قراءتها ثم التفت إلى 'حازم' وبدت الحيرة والخجل مما كان يريد قوله ثم تكلم وقال:" آآآ... أولا أنا لا أجيد القراءة ولا الكتابة، ثانيا أنا لم أدخل الفندق لأنني غادرت فور دخولكما ولم ألحق بكما، ولا أدري أي شيء حول هذا"
قال 'حازم' مخاطبا 'عفاف':" ليس هو كما سمعتي، لقد أصبح أمامنا لغز جديد"
ردت عليه 'عفاف':" أجل فكاتبها يعرف أنك وريث الطاقة الخارقة، بل يعرفك حق المعرفة"
قال 'حازم':" هل يعقل أن يكون الأستاذ 'زياد'؟ ولكن لماذا يفعل هذا؟"
ردت عليه 'عفاف':" احتمال وارد، وقد يكون ربما شخصا آخر يحاول أن يصل إلى شيء ما من وراء هذا"
قال لهما 'فارس':" أظن أن مشكلة ما واجهتكما قبل وصولي، ولذلك علينا أن نكون أكثر حذرا في كل خطوة نخطوها"
قال له 'حازم':" أنا لم آذن لك بمرافقتنا بعد"
رد عليه 'فارس':" ومن يحتاج لموافقتك أنت، المهم أن الخطاب وصل من عند المدرب 'زياد'، وسأرافقك شئت أم أبيت"
قال له 'حازم':" أنا من أقرر هنا وليس أنت تذكر هذا"
قال 'فارس:" حاضر، هيا لنمضي الآن، فأمامنا طريق طويل جدا أيها القائد"
رد عليه 'حازم': هذا جيد، الآن أسمح لك بمرافقتنا"
وبعدها انطلق الثلاثة معا وقد بدؤوا بمغادرة الغابة وأصبح الطريق المؤدي إلى البحر أمامهم مباشرة.
ليست هناك تعليقات