أحدث المواضيع

رسالة من الأحرار إلي عبيد المال والنار بقلم غادة البطريق

 

رسالة من الأحرار إلي عبيد المال والنار
بقلم  غادة البطريق
------------------------
باحثة دكتوراة فى الإعلام السياسى جامعة الزقازيق
ونحن نتابع اليوم الأحداث المؤسفة في العباسية ، نظرت حولي لكي أري ما هذا الإحساس الغريب الذي أصبح يسيطر علينا ، ما هذا الإحساس الرهيب ، الذي فاق كل الأحزان ، فاق الآلام ، فاق قدرة البشر علي تحمله ، ولكن دأبت وراء إحساس كل من حولي لأترجمه لكلمات تعبر ما بداخلنا من أحزان ، ما هذا الإحساس الصعب الذي يدور بداخلنا ... يتملكنا ؟ أتدرون ماذا وجدت ، وجدت أن سبب هذا الإحساس أننا أصبحنا بلا إحساس .
 اسمع همهماتكم من غير ما تنطقوا بها ، تقولوا كيف أن يكون أصعب إحساس هو أن نكون بلا إحساس !! . تأملوا معي هذا المشهد لكي تصدقوني .
ألم يألف عيونكم اللون الأحمر الذي أصبح يتدفق من أجسادنا كشلالات المياه ، فنحن أصبحنا نألفه ، بل أصبحنا نفتقده في أي صفحة من صفحات الجرائد أو المواقع الإلكترونية ، إذا لم نري دماءنا تلطخ كل هذه الصفحات ، ألم تألفوا رائحة الدم ، وهو يسيل علي أجسادنا ، بل وأصبحنا نتبارك به لكي نصبر أنفسنا ، وما عسانا أن نفعل ، فلقد امتلأت الميادين والشوارع بالقتلة حتي فقدنا الإحساس بهم .
ألم تألف آذانك أصوات الأعيرة النارية في كل اتجاه وتظل تدوي إلي أن تستقر في قلوب أغلي الناس ، فنتهاوي في وآدي من الأحزان ، ألم تألف آذنك صراخ أمهات أخذتها الفاجعة علي فراق أولادها ، فلا تدري كيف تذفه إلي قبره قبل أن تذفه إلي عروسه ، فتظل تصرخ حتي نألف أصوات العويل والصراخ .
ألم تألف قلوبكم الوجع ،ألم تألف قلوبكم الأحزان علي وطن يفقد كل يوم أغلي ما فيه ، فلذات أكباده ، شبابه .....أطفاله ... شيوخه ....عقوله ..... فنظل بأحزاننا حني نألفها ونعتاد عليها.
لقد فقدنا الإحساس ولم ندري أنعمة أم نقمة ؟ فلا أحد يستطيع تحمل كل هذه الأحزان ، فحياتنا إما شهداء يدفعون أرواحهم كل يوم ، وإما مجرمون يتراقصون علي جثث شهدائنا ،و نحن أصبحنا بقايا شعب نتحرك بأجسادنا ، ولكن قلوبنا ماتت وتحطمت ، ودماءنا سالت وتفرقت ، وأموالنا سرقت ووزعت، فما عسانا أن نفعل ...!! أشهدكم .. أنتم عبيد المال والنار ، أنكم نجحتم في تمزيقنا وجعلتمونا أشلاء شعب ، وبالرغم من أن هذه العبارات صعبة تمزق القلوب وتحرقها أكثر ، ولكن ما لا تعلموه أننا صامدون بأجسادنا المنهكة .... بقلوبنا العليلة .....بلوعة فراق أبنائنا ، صامدون بالرغم من سيل دمائنا ، صامدون بالرغم من هذا الوشاح الأسود الذي نرتديه علي وطننا ، ولكن لتعلموا أن هذا الوشاح الأسود الذي نتلفح به يقبع بداخله نار حارقة ...وقلوب محترقة ، ولكن ستعود قلوبنا للنبض من جديد ...وسنخلع وشاحنا الأسود وسنرتدي وشاح العزة والكرامة ... وستتذكرون يوماً ستقفون أمامنا . وأنتم بوشاح الذل والمهانة ولن نترككم أبداً حتي تكونوا بلا إحساس مثلما فعلتم بنا، نعدكم أننا لن نتهاون في قطرة دم شهيد ...نعدكم أننا لن نتهاون في صرخة كل أم مكلومة علي أبنائها ....نعدكم أن نحاسبكم علي كل ما سرقتموه منا بدون وجه حق ... نعدكم أن نحاسبكم حساباً عسيراً ، حسابا يجعلنا نسترد إحساسنا الذي سلبتموه منا ، سنحاسبكم حساباً يشفي قلوبنا العليلة .. نعدكم ..نحن الأحرار وأنتم عبيد المال والنار أن تذيقكم أصعب إحساس ..وهو أن تكون من شدة الألم بلا إحساس .

ليست هناك تعليقات