خاطِرة..-15 " لتلكَ التي "...... بقلمي #ياسين_السامعي
خاطِرة..-15
" لتلكَ التي "
لتلكَ التي أرسلتها المشيئةُ على حينِ فترةٍ مِن الضياعِ, لتفقأ بأناملِ الجمال عينَ البؤسِ فتخرجَ قلبا من ظلماتِ المتاهةِ إلى ضياءِ الوجود الذاتي ,
و أنا ذلك المتسكِّعُ في شوارعِ الليلِ المزدحمةِ بي , النائمُ على أرصفةِ المنى الضالة , أفترشُ حلما و ألتحفُ أمنيةً أخرى ..
لتلكَ التي اعتصرت قلبَها في آنيةِ الحبِّ فناولتني بيدٍ ناعمةٍ كسنبلةٍ يانعة , تتهادى نحوي خطوةً خطوة , كلما اقتربت مني فكنا على قيدٍ لهفةٍ , هفوتُ لما هو أقربُ من ذلك ,
لتلكَ التي تأتيني كل لحظةٍ في هيئةٍ ملاكٍ هبطَ قدرا من طريق السماء , لربما كانت تبحثُ عن جسدي المرتجفِ, فتقدمَ وشاح قلبها قربا كي تغطيه به
أو ربما تناهى إليها صوتُ دمائي الثائرة ,
لتلكَ التي وجدت مفاتيحَ قلبي الضائعةَ, إذ كانت تسبحُ في غياهبِ المتاهة مثلي ,
و في دربٍ طويل كانَ المساء حافلا بالمعطياتِ,
و كنا نعدو نحوَ بعض و كأننا نفتشُ في الأرض عن أرواحنا التي سقطت منا ,
نقتربُ أكثر , تلامس ظلُّنا, ارتطمت كتفي بكتفها,
قالت من أنت ؟
كانت أولى خطوات السحر , كانت عيناها تذرع قلبي من أقصاه إلى أدناه ,
قفزت بجرأة إلى زاوية روحي ,
أقفُ كالوتدِ, بلا حراك ,
هكذا شأنها ,, تسرقُ قلبي , تختطفُ الإدراك , تعتقلُ الوعي , تسطو على الإحساس , تتملكُني كقطعة نقدية ترميها في جيبِ حقيبتها ,
في وجهها رأيتُ الملائكةَ تبحث عن بقايا يوسف , في صفحاتِ قلبها شغفُ امرأةِ العزيز يختبئ ,
قَدّت قميصَي مِن كل اتجاهاته,
و كان كلّ شيء فيها يهتفُ هيتَ لك ,
لتلكَ التي جاءت و أنا كومةُ حطبٍ متهالكة , فأشعلت ثقابَ هواها ثم رمت , فإذا النارُ في الأعماقِ تخلقني جديدا ,
أعترفُ لك أن الأنحاءِ تعجُّ بالورودِ ,
تمتلئُ بها حوافُ الطرقات و البساتين و منحنيات مسيري,
فسائلُ النباتات الملونة في متناول يدي عند كل لهفة , بإمكاني أن أستديرَ حول أي غصنٍ هنا و أن أرتمي على أي جذع ,
لكنكِ السحر الذي تلقينه حول عنقي هو ما يجعلكِ البداية و النهاية و الفجرَ و المساءِ و الغايةَ و اللهفة و الشعور و الحدس و التفكير و الإحساس و النصف و الكل و الأغنية و القهوة و الرغبات و الجنون ,
أعترفُ لكِ أن لونَ وجهي تغيرَ مذ وجدتك , و أن الشحوبَ الذي كان يعلوه لم يبقَ له أثر , و أن بحةَ صوتي زالت فصارَ أشبه بمعزوفة تغنيك ,
حتى شهيتي للطعامِ صارت تزادادُ مع كل حديث يدور بين قلبينا .
ليست هناك تعليقات