القصة وما فيها ... بقلم / الأستاذ علي الشافعي
القصة وما فيها بقلم علي الشافعي
واخيرا ــ يا سادة يا كرام ــ حلّ لنا مشكورا عطوفة مدير عام اتحاد المزارعين الاردنيين , وبالمناسبة هو موظف حكومي , عينته الدولة للالتفاف على المزارعين , ومنعهم من انتخاب رئيس للاتحاد , ربما يحدث قلاقل للحكومة هي في غنى عنها . المهم حل لنا عطوفته لغز الحلقة المفقودة , او بالأحرى سلسلة الحلقات بين المزارع المسكين والمستهلك الاكثر مسكنة . ففي مقابلة صريحة في احدى الفضائيات التي تنقل هم الوطن والمواطن , كشف لنا بشجاعة الغيور على الوطن وابنائه , ودون وجل او خوف على المنصب , سلسلة الحيتان التي تبتلع تعب وعرق جبين كل من المزارع والمستهلك , كيف ؟ سأقول لكم كما وضحها عطوفته , ولكن بعد الصلاة على رسول الله . يقول :
تبدا الحكاية منذ تهيئة المزارع الارض , فهو بحاجة الى حراثة وتسميد واشتال او بذور وري وادوية وخدمة , ثم عند جني المحصول بحاجة لأيد عاملة , وصناديق لتعبئته ثم شحن المحصول للسوق المركزي . وفي غياب أي دعم من الحكومة وروتين مؤسسة الاقراض الزراعي , يجد المزارع نفسه مضطرا للتعامل مع الحوت الاول في السلسلة , الا وهو تاجر الجملة في السوق المركزي ( الكومسيونجي) كما يسمونه بالفلّاحي , الذي يمد المزارع بالمال اللازم مقابل شيكات وضمانات من بينها توريد كامل انتاج المزارع المسكين الى هذا التاجر .
تبدا المعاناة الحقيقية مع دخول البضاعة للسوق فالمزارع مضطر لدفع رسوم دخول قدرها 10دنانير عن كل طن خضار يرد للسوق كضريبة لصالح الحكومة , ثم تستوفي امانة العاصمة او البلديات مبلغ 4% من ثمن البيع والتاجر المورد له مبلغ 6% مقابل الارضية والسمسرة , حيث يقوم هذا التاجر باختيار اجود الاصناف للتصدير , ويدلل بالمزاد على الباقي وهو عادة الصنف الثاني . هنا يأتي دور الحوت الاكبر في السلسلة , وهو بالمناسبة من العمالة الوافدة , على كفالة بعض المتنفذين في السوق او الامانة او البلديات , فيشتري الكمية كلها بسعر بخس فهو وزبانيته يتحكمون بالأسعار فيبخّسون عند الشراء ويرفعون عند البيع , وبالتالي فالمزارع مضطر للقبول بالسعر الذي يحققه المزاد , سواء خسر ام ربح , وهو بالعادة خسارة , بعد ذلك يقوم هذا الحوت بتجزئته الى جزاء كبيرة نوعا ما فاذا اشترى الف صندوق يجزّئها الى مئات , وبيعها لحوت ثالث بربح يراه مناسبا , ويتقاسم الارباح مع الكفيل , يقوم هذا الثالث وهو ايضا من العمالة الوافدة بتجزئته الى عشرات , يبيعها لتجار البسطات في اسواق وسط البلد , او المحلات الصغيرة التي تتعامل مباشرة مع المستهلك , بربح يرضى عنه , يأتي بعد ذلك دور الحوت الرابع , فلابد ان يربح ما نسبته على الاقل 40% ليغطي نفقات استئجار المحل او البسطة , ورخصة ممارسة المهنة من البلديات ويربح ايضا , ليجد المستهلك نفسه وقد اشترى الكيلو التي تقف على المزارع بعشرة قروش , قد يشتريها هو بدينار , بعد المرور بهذه السلسلة من الحيتان . فلا المزارع استفاد ووقع العبء على المستهلك , والرابح الوحيد هو هذه السلسلة من حيتان الاسواق المركزية . يقسم احد المزارعين المتصلين انه وجد سعر صندوق الزهرة الذي باعه في الصباح بنصف دينار في السوق المركزي , ساعَره عند احد تجار التجزئة بأربعة دنانير ونصف .
تساءل البعض لم لا تختصر الحلقات , فيبيع المزارع لتاجر التجزئة مباشرة ؟ فيربح المزارع ويخفف العبء على المستهلك , اجاب احد المزارعين قائلا : ان الامانة والبلديات تكبّلهم بقوانين تمنع البيع خارج الاسواق المركزية , وتفرض غرامات على تاجر التجزئة والمزارع معا , لذلك تجد سيارات الامانة والبلديات تحوم صباحا حول تلك المحلات , تطلب الفاتورة المختومة بختم السوق المركزي , وتفرض على كل مخالف ولو مرة واحدة مبلغ 360 دينارا سنويا , وقد عاينت انا شخصيا هذا بنفسي . هذا زيادة على ان الحوت الاول اذا علم بذلك فسيضغط على المزارع مطالبا بديونه التي في اغلب الاحيان لا يفي الموسم بسدادها , فيتراكم عليه الدين , فترفع القضايا ثم يطلب للتنفيذ القضائي . وقد تبين ان حوالي 70% من المزارعين مهددون ببيع مزارعهم لسداد الديون , ومع ذلك تقوم حكومتنا الرشيدة برفع رسوم تصاريح العمالة الوافدة الى 500دينار سنويا تدفع من جيب المزارع المسكين .
في عهد حكومة دولة السيد معروف البخيت شرِّعت قوانين سمحت بإقامة اسواق شعبية في كل المحافظات , للبيع مباشرة من المزارع للمستهلك , ايامها انخفضت الاسعار وربح المزارعون , لكن خسرت الحكومة وامانة العاصمة والبلديات , لذلك فبمجرد ذهاب الحكومة الغيت هذه الاسواق , وعطلت تلك القوانين , وعادت ريمة لعادتها القديمة .
وبيّن عطوفته ان حصة امانة عمان السنوية من جيب المزارع حوالي من 10ــ 13 مليون دينار, يفترض انفاق قسم منها على الابحاث الزراعية , لتحسين وانتاج سلالات تقاوم الامراض وتضاعف المحصول . ولكنها لم تفعل وحتى القرار الذي صدر قبل عامين بتخصيص مبلغ مليوني دينار لصندوق حماية المزارع من الاخطار لم ينفذ ايضا .
لماذا ــ ايها السادة ــ ولمصلحة مَنْ محاولة تدمير هذا القطاع , لمصلحة من اغلقت المصانع التي تقوم على المنتجات الزراعية , لصالح من اغلق مصنع رب البندورة الاغوار الجنوبية و بيع بسعر بخس الى مستثمر عراقي منذ سنوات ولم يشغّله ، علما ان المصنع يمكنه استقبال الفائض من مادة البندورة ، إضافة إلى استقبال الكميات الكبيرة مكتملة النضج التي يصعب نقلها إلى مسافات بعيدة ، خاصة ان محصول البندورة يشكل نحو 80 % من المنتجات الزراعية في الأغوار الجنوبية ، بالإضافة إلى كونه يوفر فرص عمل ويحد من البطالة في غور الصافي ومحافظة الكرك . هل تعلمون ان المصانع الموجودة تشتري رب البندورة من الصين , فهو ارخص في نظرهم , فتعيد تعبئته في عبوات مريحة للمستهلك , على انه منتج اردني . وكذلك معلبات الفول والحمص والخضار المجمدة . ثم من الذي رخّص العمارات السكنية المقامة على اجود الاراضي الزراعية غرب العاصمة , وباقي المحافظات , مع ان القوانين لا تسمح بذلك .
وبعد ــ يا سادة ــ فان الدول التي يأكل شعبها من معاول فلاحيها تدعم حكوماتها قطاع الزراعة وتعتز به , وتشجع المزارعين وتمدهم بالبذور المحسنة والمبيدات والخبرات , وتشتري محاصيلهم ان استدعى الامر , وتعوضهم ان تضرر المحصول بسبب الاحوال الجوية , وتملّكهم الاراضي التي يثبت لها انهم استصلحوها وزرعوها لمدة عشر سنوات . وفي الوقت الذي يزرع الناس في اليابان اسطح منازلهم لتوفير الامن الغذائي , فان عندنا ملايين الدنمات الصالحة للزراعة لم تستغل بفعل القوانين السائدة , التي تكبل المزارع وتحول بينه وبين استغلالها . وفي الوقت الذي يسمح فيه لعلية القوم انشاء المزارع الترفيهية , وحفر الابار لري اشجار الزينة وملء يرك السباحة , لقضاء الاجازات فيها واقامة العزائم والولائم , يحرم على المزارع المسكين حفر أي بئر لري مزروعات تسد افواها جائعة , تعيش على رغيف الخبز وحبة البندورة . طبتم وطابت اوقاتكم .
واخيرا ــ يا سادة يا كرام ــ حلّ لنا مشكورا عطوفة مدير عام اتحاد المزارعين الاردنيين , وبالمناسبة هو موظف حكومي , عينته الدولة للالتفاف على المزارعين , ومنعهم من انتخاب رئيس للاتحاد , ربما يحدث قلاقل للحكومة هي في غنى عنها . المهم حل لنا عطوفته لغز الحلقة المفقودة , او بالأحرى سلسلة الحلقات بين المزارع المسكين والمستهلك الاكثر مسكنة . ففي مقابلة صريحة في احدى الفضائيات التي تنقل هم الوطن والمواطن , كشف لنا بشجاعة الغيور على الوطن وابنائه , ودون وجل او خوف على المنصب , سلسلة الحيتان التي تبتلع تعب وعرق جبين كل من المزارع والمستهلك , كيف ؟ سأقول لكم كما وضحها عطوفته , ولكن بعد الصلاة على رسول الله . يقول :
تبدا الحكاية منذ تهيئة المزارع الارض , فهو بحاجة الى حراثة وتسميد واشتال او بذور وري وادوية وخدمة , ثم عند جني المحصول بحاجة لأيد عاملة , وصناديق لتعبئته ثم شحن المحصول للسوق المركزي . وفي غياب أي دعم من الحكومة وروتين مؤسسة الاقراض الزراعي , يجد المزارع نفسه مضطرا للتعامل مع الحوت الاول في السلسلة , الا وهو تاجر الجملة في السوق المركزي ( الكومسيونجي) كما يسمونه بالفلّاحي , الذي يمد المزارع بالمال اللازم مقابل شيكات وضمانات من بينها توريد كامل انتاج المزارع المسكين الى هذا التاجر .
تبدا المعاناة الحقيقية مع دخول البضاعة للسوق فالمزارع مضطر لدفع رسوم دخول قدرها 10دنانير عن كل طن خضار يرد للسوق كضريبة لصالح الحكومة , ثم تستوفي امانة العاصمة او البلديات مبلغ 4% من ثمن البيع والتاجر المورد له مبلغ 6% مقابل الارضية والسمسرة , حيث يقوم هذا التاجر باختيار اجود الاصناف للتصدير , ويدلل بالمزاد على الباقي وهو عادة الصنف الثاني . هنا يأتي دور الحوت الاكبر في السلسلة , وهو بالمناسبة من العمالة الوافدة , على كفالة بعض المتنفذين في السوق او الامانة او البلديات , فيشتري الكمية كلها بسعر بخس فهو وزبانيته يتحكمون بالأسعار فيبخّسون عند الشراء ويرفعون عند البيع , وبالتالي فالمزارع مضطر للقبول بالسعر الذي يحققه المزاد , سواء خسر ام ربح , وهو بالعادة خسارة , بعد ذلك يقوم هذا الحوت بتجزئته الى جزاء كبيرة نوعا ما فاذا اشترى الف صندوق يجزّئها الى مئات , وبيعها لحوت ثالث بربح يراه مناسبا , ويتقاسم الارباح مع الكفيل , يقوم هذا الثالث وهو ايضا من العمالة الوافدة بتجزئته الى عشرات , يبيعها لتجار البسطات في اسواق وسط البلد , او المحلات الصغيرة التي تتعامل مباشرة مع المستهلك , بربح يرضى عنه , يأتي بعد ذلك دور الحوت الرابع , فلابد ان يربح ما نسبته على الاقل 40% ليغطي نفقات استئجار المحل او البسطة , ورخصة ممارسة المهنة من البلديات ويربح ايضا , ليجد المستهلك نفسه وقد اشترى الكيلو التي تقف على المزارع بعشرة قروش , قد يشتريها هو بدينار , بعد المرور بهذه السلسلة من الحيتان . فلا المزارع استفاد ووقع العبء على المستهلك , والرابح الوحيد هو هذه السلسلة من حيتان الاسواق المركزية . يقسم احد المزارعين المتصلين انه وجد سعر صندوق الزهرة الذي باعه في الصباح بنصف دينار في السوق المركزي , ساعَره عند احد تجار التجزئة بأربعة دنانير ونصف .
تساءل البعض لم لا تختصر الحلقات , فيبيع المزارع لتاجر التجزئة مباشرة ؟ فيربح المزارع ويخفف العبء على المستهلك , اجاب احد المزارعين قائلا : ان الامانة والبلديات تكبّلهم بقوانين تمنع البيع خارج الاسواق المركزية , وتفرض غرامات على تاجر التجزئة والمزارع معا , لذلك تجد سيارات الامانة والبلديات تحوم صباحا حول تلك المحلات , تطلب الفاتورة المختومة بختم السوق المركزي , وتفرض على كل مخالف ولو مرة واحدة مبلغ 360 دينارا سنويا , وقد عاينت انا شخصيا هذا بنفسي . هذا زيادة على ان الحوت الاول اذا علم بذلك فسيضغط على المزارع مطالبا بديونه التي في اغلب الاحيان لا يفي الموسم بسدادها , فيتراكم عليه الدين , فترفع القضايا ثم يطلب للتنفيذ القضائي . وقد تبين ان حوالي 70% من المزارعين مهددون ببيع مزارعهم لسداد الديون , ومع ذلك تقوم حكومتنا الرشيدة برفع رسوم تصاريح العمالة الوافدة الى 500دينار سنويا تدفع من جيب المزارع المسكين .
في عهد حكومة دولة السيد معروف البخيت شرِّعت قوانين سمحت بإقامة اسواق شعبية في كل المحافظات , للبيع مباشرة من المزارع للمستهلك , ايامها انخفضت الاسعار وربح المزارعون , لكن خسرت الحكومة وامانة العاصمة والبلديات , لذلك فبمجرد ذهاب الحكومة الغيت هذه الاسواق , وعطلت تلك القوانين , وعادت ريمة لعادتها القديمة .
وبيّن عطوفته ان حصة امانة عمان السنوية من جيب المزارع حوالي من 10ــ 13 مليون دينار, يفترض انفاق قسم منها على الابحاث الزراعية , لتحسين وانتاج سلالات تقاوم الامراض وتضاعف المحصول . ولكنها لم تفعل وحتى القرار الذي صدر قبل عامين بتخصيص مبلغ مليوني دينار لصندوق حماية المزارع من الاخطار لم ينفذ ايضا .
لماذا ــ ايها السادة ــ ولمصلحة مَنْ محاولة تدمير هذا القطاع , لمصلحة من اغلقت المصانع التي تقوم على المنتجات الزراعية , لصالح من اغلق مصنع رب البندورة الاغوار الجنوبية و بيع بسعر بخس الى مستثمر عراقي منذ سنوات ولم يشغّله ، علما ان المصنع يمكنه استقبال الفائض من مادة البندورة ، إضافة إلى استقبال الكميات الكبيرة مكتملة النضج التي يصعب نقلها إلى مسافات بعيدة ، خاصة ان محصول البندورة يشكل نحو 80 % من المنتجات الزراعية في الأغوار الجنوبية ، بالإضافة إلى كونه يوفر فرص عمل ويحد من البطالة في غور الصافي ومحافظة الكرك . هل تعلمون ان المصانع الموجودة تشتري رب البندورة من الصين , فهو ارخص في نظرهم , فتعيد تعبئته في عبوات مريحة للمستهلك , على انه منتج اردني . وكذلك معلبات الفول والحمص والخضار المجمدة . ثم من الذي رخّص العمارات السكنية المقامة على اجود الاراضي الزراعية غرب العاصمة , وباقي المحافظات , مع ان القوانين لا تسمح بذلك .
وبعد ــ يا سادة ــ فان الدول التي يأكل شعبها من معاول فلاحيها تدعم حكوماتها قطاع الزراعة وتعتز به , وتشجع المزارعين وتمدهم بالبذور المحسنة والمبيدات والخبرات , وتشتري محاصيلهم ان استدعى الامر , وتعوضهم ان تضرر المحصول بسبب الاحوال الجوية , وتملّكهم الاراضي التي يثبت لها انهم استصلحوها وزرعوها لمدة عشر سنوات . وفي الوقت الذي يزرع الناس في اليابان اسطح منازلهم لتوفير الامن الغذائي , فان عندنا ملايين الدنمات الصالحة للزراعة لم تستغل بفعل القوانين السائدة , التي تكبل المزارع وتحول بينه وبين استغلالها . وفي الوقت الذي يسمح فيه لعلية القوم انشاء المزارع الترفيهية , وحفر الابار لري اشجار الزينة وملء يرك السباحة , لقضاء الاجازات فيها واقامة العزائم والولائم , يحرم على المزارع المسكين حفر أي بئر لري مزروعات تسد افواها جائعة , تعيش على رغيف الخبز وحبة البندورة . طبتم وطابت اوقاتكم .
ليست هناك تعليقات