أحدث المواضيع

" خواطري" .... بقلم الشاعر ياسين السامعي

" خواطري"
أحِبُّ - مثلا - أن أنادي إلى إعدادِ وليمةٍ تضمُّ أبناءَ الأرضِ جميعا , نقعدُ فيها بمختلفِ مشاربِنا و مللِنا و نحلِنا فنتعاونَ على إسعادِ الإنسانِ و تحقيقِ رغباتِه التي حُرمِ منها ,
نتدبرُ أمرَ إصلاحِ ثقوبِ هذا الكونِ حتى نحولَ دونَ تسرُّبِ الكثيرِ مِن دمائه و طاقاتِه و تعديلِ مسارِ حركةِ الإنسان اللامستوية حتى ننقذّ ما تبقى منه مِن يدِ الهلاكِ و الفناءِ
أُحِبُّ أن أعملَ موجها لكلِّ مَن يجدُ في نفسِه الرغبةِ في تعميرِ ما دمرتُه نزوةُ الحربِ و شهوةِ الصراع اللعينة , فنجتهدَ في استعادِة وعي الزهورِ و روحِ الوردِ و ابتساماتِ الفجرِ و ضحكاتِ الأطفالِ و المسنينَ الذين أدركتهم لعناتُ القهرِ حتى أبوابِ منازلهم ,
هل تستطيعونَ أن تخبروني كيف تمَّ الأمرُ بحرمانِ هذا الإنسانِ من سعادتِه فقضيَ على أحلامِه بالموتِ و على أرواحِ زهورِه أن تزهقَ و على جسورِ محبته أن تنقطعَ ؟
أحِبُّ أن أوفقَ لدفعِ ثمنِ إسعادِ الإنسانِ و إن كانت كلفةٌ ذلك باهظةً , المهمُّ أن أستطيعَ الحيلولةَ دونَ شقائه و بؤسِه و
أتساءلُ - في خجلٍ مِن نفسِي - لِمَ لا أفعلُ ذلك مادامَ في مقدوري أن أنيرَ له طريقا وعرا ؟
أُحِبُّ أن أجتهدَ في خلقِ الفرحِ في قلوبٍ الناسِ جميعا , مَن بنى بيتا أتركه ليعيشَ في هدوءٍ و سلام , و مَن حَضَّرَ زادا أدعُه يسدّ رمقَه في طمأنينة , ومن كان له حبيبٌ أو أنيسٌ أمنحُه حريته ليمارسَ طقوسَ عواطفه و خفايا قلبه و لواعج نفسه و أمنحه يدي ما استطعت ,
أحِبُّ أن أساعدَ العاشقينَ الأبرياءَ كي يصلوا شاطئَ اللقاء بسلامٍ, و لَكَم أرجو أن يكونَ لي سفنٌ فأحملَهم عليها أو مصابيحُ فأنيرَ لهم الدروب أو دعواتٌ مستجابةٌ فأمنحهم بركتها, إنهم دعاةُ الحياةِ و منابت الخير فيها ليس لهم سوى قلوب تنبضُ بالحياة و تفعمُ بالحنين و هم أحوجُ ما يكونون إلى كلماتٍ تزرعُ فيهم الثقةَ و تثبتهم في طريقهم الشاق ,
كم تؤلمني صورُ الحربِ و الدمارِ و مدامعُ الأطفالِ و النساء و الشيوخ و قوافلُ الناسِ هم يولونَ هاربينَ على جسورِ العبور فارينَ مِن القتلِ و الإذلال , ليسَ لهم من كبيرِ ذنبٍ سوى أنهم خلقِوا في عصرِ الإجرامِ و الرصاصِ , فمن كان له بيتٌ تركه دونَ أن يغلقه و مِن كان له حبيبٌ اضطُرَّ لتركه كي ينجو بنفسِه من أمواجِ الموتِ الهائجة تحيط به من جهاته الأربع ,
بقلمي..✒✒✒
ياسين السامعي..

ليست هناك تعليقات