أحدث المواضيع

( سمفونية قابيل ) للكاتب الأديب : عزالدين جلا وجي قلم : جمال الدين خنفري -- تحياتي جدو عبدة


قراءة في مسرحية : ( سمفونية قابيل ) للكاتب الأديب : عزالدين جلا وجي




قرأت في هذه الأيام مسرحية معنونة بـــ ( سمفونية قابيل ) للكاتب الأديب عزالدين 

جلا وجي المعروف في الأوساط الأدبية الثقافية الجزائرية وحتى العربية بنتجاته 

الغزيرة في مختلف الأجناس الأدبية وهي تعد إضافة نوعية إلى إسهاماته السالفة 

التي " تشكل ملمحا فنيا مختلفا عن المألوف " . وقد أتاحت لي هذه المسرحية وهي 

من نوع ( المسرحيات القصيرة جدا ) الفرصة أن أغوص في أعماقها وأخرج 

مكنوناتها وأتعرف على جوانبها حيث كان العنوان هو المنطلق باستفزازه وإثارته 

وشاعريته وموسيقاه . 

ولا ريب أن قراءة متأنية في عمق المسرحية نجد أنها تحاول أن ترسم لوحة تقريبية 

إن لم تكن واقعية عن القضايا الاجتماعية والظواهرالنفسية في التركيبة المجتمعية . 

كونها تحمل في طياتها مضمونا قويا يتجلى فيه البعد الإنساني المرفوض أخلاقيا 

ودينيا واجتماعيا المهيمن على شخوص المسرحية .

وقد استطاع الكاتب من خلال هذه المسرحية أن ينفذ إلى صدور شخوصه ويكشف 

عما في قلوبهم من نوايا سيئة والتي هي بلا شك مرآة عاكسة لممارستهم في واقع 

حياتهم وصورة لتجربتهم في معاملاتهم اليومية . 

والكاتب بقدرته العالية ساهم في وضع قرائه أمام صورة موحية في سبيل فهم نفسية 

شخوصه ونزعاتهم ومطامحهم وإبرازها في قالب يثير في النفس الكثير من الشفقة 

والرأفة . وسعيا منه نحو تجسيم عيوب المجتمع وسلوكاته الهجينة في إشارة إلى 

استهجانها والنفور منها و أخذ موقف حاسم لاجتنابها والارتقاء بالذات الإنسانية إلى 

السمو الروحي .

و تأسيسا على ما تقدم لا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن المسرحية تعالج فكرة ( تغلب 

الأنانية و المصلحة الشخصية على مبدأ القيم الروحية و الأخلاق الفاضلة ) ويبدو 

ذلك بوضوح كامل في موقف المشيعين من الميت وموقف الميت من المشيعين 

السلبية مما يكشفان لنا عن الآثار النفسية الخبيثة لكلا الطرفين .

وإذا جئنا إلى عنوان هذه المسرحية ( سمفونية قابيل ) نجده يصدق على موضوعها 

تمام الصدق وهو يعني بالتالي : ارتباط قابيل بعناصر الشر ( الحسد ، البخل ، 

البغي 
، الأنانية ، الطمع ، الغلظة ، التمرد على حكم الحق ) التي أصبحت سنة 



يقتدي 


بها الإنسان فــ " كان عليه وزرها و وزر من عمل بها من بعده من غير أن 







ينقص من أوزارهم شيء " .

هذا وقد أبدع الكاتب إبداعا رائعا في عرض أفكاره و تصويرها حيث تبدو فيها 

لمسات فنان المؤمن بقيمة فنه بأسلوب راق جدا وجميل يعتمد على جزالة اللفظ 

ومتانة العبارات وقصر الجمل . أما الحوار فهو ممتع و لا يشعرك بالملل و الجمل 

فيه أميل إلى طريقة البرقيات صاغه الكاتب في قالب يعتمد على المنولوج تظهر فيه 

النوازع الشريرة والإرادات الخبيثة لشخوصه .


ومجمل القول لابد أن ننوه بأهمية القالب الذي صاغ فيه الكاتب تجربته الفنية والذي 


ينتمي إلى جنس أدبي يسمى " المسرحية القصيرة جدا " حيث أبان على عمق 

تفكيره و أصالته .

و في الأخير لا يسعني إلا أن ألتمس العذر من القراء إن كنت حملت مؤلف 

المسرحية أشياء لم يفكر فيها و كذلك على الجوانب التي أغفلتها .




قلم : جمال الدين خنفري


ليست هناك تعليقات