(( فاعل خير !!! )) للكاتب ~~~~~ محمود مسعود
فاعل خير ...........!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاشت حياتها منذ نعومة أظفارها بين أخويها وأمها وأبيها أميرة متوجة علي عرش قلوبهم جميعا ، مدللة لا يرد لها طلب فيما هو مسموح ومعقول ، كبرت وصارت أنسة فاتنة في الجمال والرقة ، حصلت علي الشهادة الإبتدائية التي كانت أقصي مايمكن لبنت في مثل سنها الحصول عليها وذلك لموروث العادات والتقليد التي كانت سائدة في عصرها !! وظلت في البيت تتعلم قواعد الطبخ والغسيل ورعاية البيت من أمها كما هي العادة ، سنوات قلائل مرت ، بدأ طابور العرسان في التقدم لها ليظفر أحدهما بها ، لم تكن العاطفة أبدا محل اعتبار في زيجات هذا الزمن ، ولم يكن ليسمح بها مطلقا ، فكانت الزيجات تتم من خلال الخاطبة أو جلسات الصالونات ، أو حتي الأقارب !! وقع الاختيار والموافقة علي ابن الجيران لما لهم من سمعة طيبة واحترام من جميع أهل الحي ،بعد أقل من شهر تمت الزيجة بمباركة الأهل والجيران وانتقلت رمزية إلي بيت زوجها في أحدي شقق منزل والده الذي يضم عائلته أيضا ، وتدور الأيام ورمزية وزوجها صالح يعبرون أحلامهما الواحد تلو الآخر بحلوها ومرها إلي أن جاءت اللحظة الحاسمة ، وأثمر الزواج الناجح طفلا ملأ حياة الجميع بهجة وسرور ،وكان لأبويه قرة عين ولم يبخلا عليه بشيء فكل طلباته أوامرمجابة ،كبر إحسان وكبرت معه أحلامه ومطالبه التي أثقلت كاهل والديه ، وكانا يحاولا إرضائه بما تيسر لهم من إمكانات ، لكن إحسان كان له رأي آخر ، التحق بأفضل تعليم متاح ، تخرج من كلية مرموقة ، صادق أبناء الطبقة العليا في المجتمع ، ارتدي قناع زائف ليرسم عليهم الوجاهة والغني ، كان ذلك يكلف والديه مالا طاقة لهم به ، استدان والده ، مرض ذات يوما مرض الموت ، رحل صالح تاركا زوجته في مهب الريح ، وابن عاق لم يشكر لهما يوما صنيعهم له ، عاش وما زال علي الأخذ دونما العطاء
دار الزمان دورته ، وأشعل كيوبيد الحب قلب احسان نحو زميلة دراسته ابنة أحد الأغنياء الثقال في البلد ،صارحها بحبه ، وهي أيضا اعترفت له بأنها تميل إليه وأنه بمثابة فتي أحلامها ، وتسائل فيما بينه وبين نفسه وماذا بعد ؟؟ تودد إلي أمه وفاتحها في الأمر ، فرحت الأم لفرح ابنها ولكن ثمة شيء ما لا تدركه ولكنها تشعر به جعلها في قلق من هذه الزيجة !! صارحت ابنها بمشاعرها ولكنه اتخذ طريق العناد خاصة وأنه أبدي لوالدته رغبته في بيع المنزل والسكني في أحد الأحياء الراقية ،حاولت ألأم عبثا أن تثنيه عن قراره بأن هذا المنزل هو حياتها وذكرياتها و..و..لكنه لم يأبه بكل ما ذكرته أمه وأصر علي موقفه !! استسلمت الأم للأمر الواقع ، باع إحسان المنزل بمبلغ لا بأس به ، اشتري شقة في أحد التجمعات الراقية ، اصطحب أمه معه في شقته ، خطب حبيبة قلبه وأسس الشقة كما أرادت ، جعل لأمه حجرة من حجرات الشقة ، أسسها بأثاث متواضع ، لم تأبه أمه لذلك ولم تعترض ، ولكنها من داخلها تتعذب لما آلت إليه ظروفها وأوضاعها ، تزوج في أحد الفنادق الراقية وأمضي فيه شهر العسل ، عاد هو وزوجته للشقة ، دارت الايام دورتها ، وبدات مشاكل الأم الصحية نظرا لكبر سنها ، ومع ذلك لم تشفع شيخوختها لأبنها أو زوجته من أن يعاملوها بالحسني ، تحولت الأم بسبب ضعف ابنها أمام زوجته إلي خادمة تعمل بلقمتها ، وكثيرا ما كانت زوجة ابنها تفتعل المشاكل لأتفه الأسباب ،وكثيرا ما كانت الام تنزوي في حجرتها ملتحفة بدموعها وشكواها لربها ولنيل رضاء زوجته علي حساب أمه قرر أن ينهي هذه المأساة التي تنغص عليه حياته
كانت زوجته عند أهلها غاضبة بعد افتعالها مشكلة من لا شيء مع الام المكلومة ، دخل احسان علي والدته مقنعا إياها بأنه سيصطحبها في زيارة بعض الاقارب في أحد الأقاليم الريفية ، أخبرته بأنها لم تقم طيلة حياتها بزيارتهم ، فكيف يتم الأمر الآن ، وبعد الحاح من ولدها أذعنت للأمر ، حجز مقعدين في القطار الفاخر المتجه لهذه البلدة في ذلك الإقليم الريفي وأجلس والدته في احد المقاعد وقبل أن يتحرك القطار بدقائق تعلل لوالدته بأنه يذهب لشراء شيء ما ضروري وسيعود قبل أن يتحرك القطار ،هبط من القطار وتوجه إلي حجرة مفتش القطار وأبلغه بأن ثمة عجوز في المقعد رقم كذا ورجاه أن يأخذ باله منها لأنها هرمة وأنه ساعدها للسفر إلي أهلها في البلدة التي يتجه إليها القطاروأفهمه أنه مجرد فاعل خير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 30/6/2016م
ليست هناك تعليقات