أحدث المواضيع

حفلة للجرذان...! بقلم / الكاتب عمرو زين

حفلة للجرذان...!
- أين أنت ؟
أبلغه إيهاب أنه مر للتو من كمين الشرطة الواقع فى الناحية الجنوب من مدينة الغردقة ، وأنه فى طريقه لتوصيل الزبائن إلى فنادقهم ، ومن ثم العودة إلى منزله لأخذ قسط من الراحة بعد انتهاء يوم العمل الطويل، الشاق و الذى بدأه منذ الرابعة صباحاً و ها هى الساعة قد تجاوزت التاسعة مساءاً و لم ينته اليوم بعد ، فقال له حجازى : 
- بعد توصيل الزبائن تعال إلى المكتب !
- لما ؟ هل حدث شىء ؟ سأل إيهاب متوجساً.
أنهى محمد حجازى و المشهور وسط العاملين فى الشركة السياحية الكبرى بالمقاول المكالمة معه دون أن يعطيه جواباً شافياً ، مكتفياً بالقول :
- لما تأتى إلى المكتب ستعرف !
مما جعل إيهاب يغرق فى مستنقعات الشك(الهواجس) و الظنون ، استعرض اليوميات التى قام بها على مر أيام الأسبوع الفائت محاولاً تذكر إذا ما وقع خطب مع أحد الزبائن الذين كانوا برفقته خلال قيامه بعمل الارشاد السياحى ، ولكن كل ما تذكره كانت أمورا عادية مما لا تخلو منها رحلة من رحلات اليوم الواحد التى تُنظم من الغردقة إلى الأقصر ، أو من الغردقة إلى القاهرة و العودة فى ذات اليوم كشكوى أحد الزبائن من قلة الوقت المتاح لزيارة المزارات السياحية ، أو شكوى من سائق الحناطير لمعاملته لهم بطريقة وصفتها الزبونة بالوقاحة و هو يجبرها على دفع البقشيش و يأبى إلا أن يحصل منها على خمسة يورو بالرغم من إخبار المرشد لهم مسبقاً أن يدفعوا يورو واحد لكل زبون .
" نعم ! إن الكل فى مجال السياحة يستغل الزبون أسوء استغلال ، ويأتى على رأس المستغلين الشركات السياحية ، التى تحملنا فى نهاية المطاف المسئولية عن كل شكوى تتقدم بها الزبائن و كأن فى أيدينا إصلاح حال الكون المائل ، لو أنّ مدير الشركة أو رؤساء الأقسام فيها فكروا مرة فى تقديم خدمة حقيقية للزبائن ! إنهم لا يفكرون إلا فى أنفسهم و فى مصالحهم الشخصية الضيقة و التى تأتى فى الغالب على حساب الزبائن مما أدى فى النهاية إلى إحجام السياح من الفئة الأولى عن القدوم إلى مصر لأنهم يعلمون علم اليقين ما ينتظرهم من سوء خدمة و عدم مبالاة من القائمين على العملية السياحية برمتها ، حتى أنه عندما فاتح حجازى ذات مرة فى أمر تعديل برنامج الأقصر بحيث يتم تحاشى الأمور التى يدوام الزبائن بالشكوى منها إذا به ينفعل عليه :
- هل جننت يا بوْب ؟ أتريد أن تعدّل ما وضعه الهر مصطفى ؟!
و كأن المطالبة بتعديل الخطأ أصبح جريمة كبرى فى هذا الزمان تستوجب معاقبة من ينادى بتصويبها ! الجريمة الحقيقية أن يتولى مثل هذا الشخص الفارغ داخلياً من قيمة و معنى مهمة إدارة شركة سياحية تعد من كبريات الشركات فى مجال السياحة ، مصطفى وفيق و شهرته بين العاملين مصطفى النتن ! النتانة أصلها طبع عند كثير من البشر ، ولا يغير منصب ، ولا مظهر ، و لا مال ، و لا جاه من طبع شخص ما مهما حاول و حاول ، فكما يقال فإن الطبع يغلب التطبع ، لا بل إن هناك من الصفات ما تزداد ترسخاً و بالتالى ظهوراً مع ارتقاء الشخص للمناصب الرفيعة أو العليا ، و يأتى على رأس هذه الصفات النتانة و لا شك ، كان يخرج لنا جيوبه ليظهر كيف أنها فارغة و يقول فى شىء من المسكنة :
- ألا ترون كيف أننا مفلسون ، والمرشدون دون سواهم هم من يكسبون الأموال الطائلة من وراء الزبائن ؟
لقد نمّ سلوكه على الدوام عن حقد دفين تجاه المرشدين ، كما اتسم بانتهازية صارخة فى جميع المواقف حتى أنه كان أول القافزين من مركب السفينة الغارقة و ضمن لنفسه بذلك موقعاً هاماً فى الشركة الجديدة التى قامت على ركام ( أكتاف) الشركة الأم و التى عرف فيها - أول ما عرف- معنى السياحة و أصولها ، حتى جاء اليوم الموعود عندما عينته صاحبة الشركة الجديدة مديراً عاماً للسياحة فصار المرسدين العاملين مع الشركة رهينة لحقده الدفين و كلما جائته شكوى من الزبائن أمر (دون حتى التحقق من صحة الشكوى ) بوقف المرشد المرافق للمجموعة أثناء الرحلة على الرغم من أنّ الشكاوى فى معظما كانت تنجم بسبب سوء الخدمة المقدمة للزبائن و ليس عن قصور فى آداء المرشدين لعملهم ، وكأنه تعمد أن يصنع هذا القصور فى تنظيم الرحلات حتى يقع المرشدون تحت طائلة الوقف عن العمل و الانتقام من كل هو مرشد سياحى، والغريب فى الأمر حقاً أن نفس الطريقة الجهنمية انتشرت بين أغلب مديرى الشركات السياحية ، فصار الأمر أشبه ما يكون بالحرب الصامتة ،الباردة بين هؤلاء و بين المرشدين كان لها آثارها الوخيمة على مهنة الاشارد السياحى ، إذ فقدت ألقها القديم و اعتزلها أغلب المرشدين من فطاحل المهنة ، ولم يعد يقبل عليها إلا نوعية بائسة من الشباب لا يملكون شروطها و لا مؤهلاتها المطلوب توفرها.
" على كل حال سأوصل الزبائن إلى فنادقها و اتوجه بعدها إلى المكتب (مقر الشركة) لأتبين السر وراء استدعائى على وجه العجلة و لأرى ما يحيكه المدير و تابعه المخلص حجازى لى هذه المرة على الرغم من التعب و الارهاق الذى أشعر به بعد تمضية مثل هذا اليوم الشاق بين سفر إلى الأقصر و زيارة معابدها و مقابرها حسب البرنامج و من ثم العودة فى نهاية اليوم إلى الغردقة."
عمرو زين

ليست هناك تعليقات