النقد الأدبي درجة أدبية بقلم : الأديبة حسيبة طاهر
يعتقد الكثيرون أن النقد الأدبي هو الشتم و التهكم على الكاتب أو الإدلاء بجمل سفسطائية مبهمة لا معنى لها حتى تضفي على الكلام نوعا من الرهبة توحي بأن ذلك الشخص المدعي النقد
مثقفا , ونرى أن النقد اليوم أصبح مجرد نقد من أجل النقد لا يقدم للكاتب شيئا ، إضافة إلى استعماله كوسيلي محاربة و إقصاء و تفريغ الحقد و الغل و الحسد و تصفية الحسابت ، وتلفيق التهم ......
بيد أن في حقيقة الأمر النقد الأدبي هو: فن تفسير الأعمال الأدبية، و محاولة منضبطة يشترك فيها ذوق الناقد وفكره ,للكشف عن مواطن الجمال و القبح فيها . ودراسة النص من حيث : أفكاره ،عباراته ،لغته، أسلوبه ،العاطفة ، العبر المستوحاة، المحسنات البديعية ،والصور البيانية ...مدرسته ....
والأدب سابق للنقد في الظهور، ولولا وجود الأدب لما كان هناك نقد أدبي لأن قواعده مستقاة ومستنتجة من دراسة الأدب , الناقد ينظر في النصوص الأدبية شعرية كانت أو نثرية ثم يأخذ الكشف عن مواطن الجمال والقبح فيها و معللاً مايقولة ومحاولاً أن يثير في نفوسنا شعورا بأن ما يقوله صحيح وهذا أقصى ما يمكن أن يصل إليه النقد الأدبي، لأنه لن يستطيع أبداً أن يقدم لنا برهاناً علميا يقينيا دقيقا, واختلاف مناهج النقد معناه اختلاف في وجهات النظر, والذوق هو المرجع الأول في الحكم على الأدب والفنن ، ولكن الذوق الجدير بالاعتبار هو الذوق المصقول لذوق الناقد الذي يستطيع أن يكبح جماح هواه الخاص الذي قد يجافي الصواب , ويعزل عوامله الذاتية و يحاول رفع مستوى موضوعية النقد المقدم بعيدا عن المجاملة و الخجل و كذا بعيدا عن الحقد و الحسد ،والإديولوجيات و التراكمات النفسية و الإسقاطات ...
وحتى يتمكن الناقد من تشريح و تحليل النص و ونفسية الكاتب و مقاصده وفهم أسراره والنفوذ إلى دخائله وادراك مشاعره وسبر عواطفه، بفهم عميق وحس مرهف يجب أولا أن يكون خبيرا بالأدب : أساليبه أنواعه مدارسه مميزات كل جنس أدبي ، حكيم بقواعد اللغة ، و أهم شيء أن يكون قد مارس الأدب و أتقنه وخبره ....فالنقد درجة أدبية تأتي بالخبرة و التقادم كالطبيب الجراح أو المتخصص يجب أن يكون طبيبا عائليا ( عاما ) أولا , والمعالج النفسي يجب أ ن تحلل نفسيته قبل أن يمارس التحليل النفسي ويطبقه على غيره ......ففاقد الشيء لا ولن يعطيه .
أعجبني
أحببته
هاهاها
واااو
أحزنني
أغضبني
ليست هناك تعليقات