أحدث المواضيع

الإفلاس يكتب عنه محمد عوض الطعامنه




الإفلاس
ليس الإفلاس صفة تطلق على من اصابه الفقر بعد خسارة مادية افقدته كل فلوسه ،فأصبح يعاني من الإفلاس ،ولكن قد تنطبق هذه الصفة او تستعار على كل من احبطته اقداره وفشل في مشاريعه وحاول جاهداً ان تنجح وفشل ، يقولون انه افلس في انجاح مشروعه .
لعل من تعود ان يكتب ويستنبط العنوانين ويكتب فيها ولها شروحاً وتفاصيل ، يتوقف فجأة عن الكتابه ! وإذا ما سألته يقول : انا افلست او فلست من الكتابه !
عندي أن الكتابة مشروع استنباط او استرجاع للمعلومات والأخبار والعواطف ، ومعالجتها وتكييفها بحيث تخدم موضوعاً او فكرة يرغب الكاتب توصيلها الى القراء ، لغاية محببة الى نفسه يحقق من خلالها رضاً عن النفس ويتصيد كذلك بها فائدة قد تعود بالنفع والخير لمن يقرأها ...... ولكن الشعور بالمقت والكمد والإفلاس عندما يكتبها الكاتب بافكاره وعواطفه التي يجتثها من روحه ومطالعاته ولا يجد من يفهمها او حتى يطلع عليها ..... هنا يصاب الكاتب بما يسمى الإفلاس او الإحباط . فلا تتلوموا كاتباً انقطع عنكم فجأة وعن الكتابه او انتحر ، لأنه اقتنع ان من يكتب لهم يعافون القرأة الجادة ، ويذهبون لمعاقرة اللعب في الكرنش او التلهي بسماع النكت السمجه ، والتطلع على الفيديوهات الرخيصة . 
لعل من المفيد ان نذكر أن السيد رفعت خالد المزروضي الذي كتب على الفيس بوك ان الكاتب الأمريكي الشاب ( ديفد ولاس فوستر الذي انتحر سنة ٢٠٠٨ انتحر شنقاًعن عمر يناعز ال ٤٦ عاماً وبين اسباب انتحاره...... انقلها لكم بأدناه ...... وانا اشعر بالحزن العميق ...........

اشتهر فوستر هذا ....خاصة بروايته الضخمة (دعابة أبدية) التي صُنّفت من بين أفضل مائة رواية إنجليزية في قرنه تقريبا، وجعلت منه واحدا من أكثر كتاب عصره ثراء لغويا، ثم إنه ترك رواية غير مكتملة بعد موته، وُجدت بين أوراقه، عنوانها (الملك الشاحب) تمت طباعتها وفازت عام 2011 بجائزة البولتزر للآداب. ولما بحثت عن مزيد مقالات عن هذا الكاتب الغريب الذي يظهر في أغلب صوره مُعصّب الرأس، بلحية نصف حليقة.. واطلعت على مقاطع فيديو ومقابلات صحفية.. إذا بي أجد الجواب عن السؤال المنطقي الذي بدأت أطرحه وهو (لماذا اختار إنهاء حياته بهذه الطريقة الفجة ؟)، وهو أنه كان مريضا أصلا بالاكتئاب الشديد الذي صارعه في أغلب مراحل حياته، بل إنه قد نجا من محاولة انتحار مبكرة في بدايات شبابه.. ليشتدّ به المرض في أواخر عمره قبل أن يقرر بأن يضع لأيامه حدا، فطوّق عنقه – ذات صباح أو عشيّ – بحبل غليظ قاس، ثم تركه يعتصر الحياة منه إلى آخر قطرة !
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
قلّبتُ أمر هذا الكاتب في ذهني كثيرا، وتساءلتُ عن الذي كان ينقصه، فقد امتلك الموهبة التي تفوق بها عن الآلاف من معاصريه، بل وحصّل الشهرة التي يحلم بها كل أحد وهو – بعد – في مقتبل العمر، وكان أن أحبه جمهور عريض من القراء والأدباء والنقاد.. فماذا دهاه ؟

لكن سرعان ما أجبت نفسي بنفسي، لأنه ما من أحد ليجيبني، وقد اعتدتُ محاورة نفسي على كل حال..

إنها العقيدة ببساطة.. عندما يفقد المرء عقيدته، ويضيع فطرته التي كانت معه من يوم ولادته، ويركب غروره وجنونه لا ينفعه بعدها شيء مهما عظم.. لا المال ولا الشهرة تنفعه ولا الجاه ولا العقل والعبقرية تفيده، بل قد ينقلب ذلك كله ضده تماما، فيُدمره ويقضي عليه.. كما رأيت.

فالعقيدة أولا، والعقيدة آخرا، والعقيدة دائما. إذ ينبغي أن نقصد الدار الآخرة – ما أمكن – من وراء كل فعل نفعله.. فالحياة لها معنى، لها بداية ولها نهاية، لا ما يسوده الفلاسفة من كتب حبلى بالإلحاد والزندقة، فيدّعون عبثية الحياة، ويجعلون الهدف من الحياة كما يريدون هم.. فمنهم من يرى الهدف جمع المال أو الموت في سبيل ذلك كما هو عنوان ألبوم للمغني (فيفتي سانت)، ومنهم من يرى أن الهدف من الحياة أن نحقق ذواتنا ونصل للعبقرية وللمجد والشهرة.. إلى آخر هذيانهم المريض.. إنما الحياة للعبادة، وذكاءنا أو عدمه لا يغير الهدف الأصلي.. وذنوبنا لا تغير من الهدف أيضا، فالذنب يُتاب منه ويُرجع إلى الحق والصواب..

كم يدعون من العبقرية والفكر الثاقب، ثم تجدهم بالنهاية ينتحرون، فيظهر ضعفهم لكل أحد ويُفضحون.. إنه الغرور الإنساني العتيد، والذي لا دواء له – أحيانا – إلا الموت !

ليست هناك تعليقات