تغريـــــــدة الشــــــعر العربي بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك
تغريـــــــدة الشــــــــعر العربي
---------------------------------------
((( ومضات من شعر صالح الشرنوي )))
1924 – 1951 م
النهر الذي أسكر العالم ------- !!
لوعاش صالح لبذ شوقي -------- !!
ثورة الشرنوبي الشعرية بين الشك و الحيرة و الحرمان --- !!
سامحينى إذا شدوت ، وألقيت
إلى الريح ثورتى وظنونى
فالهزار الغريب قد يتغنى
وبجنبيه عاصفات الشجون
أملى واحة وعمرى صحراء
وكأس فياضه باللحون
والدموع التى غسلت جراحى
بنداها باتت بغير معين
والطريق الذى احتوانى بالأمس
بعيد عن ناظرى وهو دونى
والرفاق الذين نادمتهم كأسى
طواهم عنى ضباب السنين
صرت وحدى وآه من صرت وحدى
ثم أواه من صداها الحزين
والغد العبقرى إن كان من حظى
فأنواره لغير عيونى
فإذا ما أطلقت نفسى ، وغنيت
فاصغى إلى .. أو سامحينى
( اعتذار )
----------
عندما نعود كل فترة من الزمن نطالع عالم شاعرنا صالح الشرنوبي ابن بلطيم البرلس كفر الشيخ جمهورية مصر العربية الذي رحل في سن الشباب و ترك لناديوانا يتصدر المكتبة العربية حيث جسد فيه خلاصة ثقافته و ابداعه لكننا نرصد ظاهرة الشك الفلسفي و التأمل في عيون الحياة من خلال متاهات الحرمان فيمسك بأهداب الحقيقة بعد ثورة ضائعة مع النفس كي تشرق الشمس من جديد بين الأفق في جماليات تفوح بالحلم المورق مع الزمن الجميل هكذا نبحر مع عالمها الرحب في شاعرية عبقرية تلهم الابجدية مشاعر حصاد السنين قصائد تعج بالتساؤلات دائما --------
يقول صالح الشرنوبي :
رأى نفسه ليته ما رأى وعاش على جدبه ظامئا
لقد راعه أنه زائلٌ ستُفنى المنيّةُ ما أنشأ
وأذهلهُ أن أيّامَه زوارقُ لا تعرفُ المرفَأ
تمرّ بها صرخات الرياح فتحطمُ مصباحها المطفأ
ويجهش ربّانُها بالصلاة فيغرقُها الموجُ مستهزِئا
أتُفّاحةٌ سرُّ هذا الشقاء ومن أجلها كلُّ هذا البلاء
تعاليت يا ربّ ماذا أقول وأنت القديرُ على ما تشاء
أنا ابن الطريدين أشكو إليك وملءُ دمى ثورة الأبرياء
ألم تكُ قدّرتَ أن يعصياك فلم يخرجا عن محيط القضاء
وإلا فلم صُغتَ هذا الوجود دحوتَ الثرى ورفعتَ السماء
ألم تخلق النار نار الجحيم كخلقك للدار دار النعيم
ألم تقض أن يبعث الأنبياء لكلٍّ هدى وطريق قويم
فهذا نبيُّ بني يعربٍ وهذا الخليلُ وذاك الكليم
وتلك الشياطين بنت اللظى فمنهم وليٌّ وفيهم رجيم
ودنيا الملائك فوق السحاب ونملُ التراب وطير السديم
تباركت ما نفع هذا الوجود إذا لم نفارق جنان الخلود
غفا بعد أن مرّت الزوبعه يقاسم أحلامه مضجَعه
شقيٌّ أحالته أيامُه صدى نغمة بالأسى دامِعَه
يعيش على حرق الذكريات ويقتات آماله الخادعه
كأني به في جحيم الحياة نبيٌّ جفاه الذي أبدعه
تراه فتقرأ في وجهه ملاحم أيامه الضائعه
وفى قصيدته "الصديق" يقول :
كم صديق محضته الود صرفا
كان أقسى على من أيامى
وصديق سقيته من حنانى
فسقانى كؤوس عيش زؤام
وصديق حميته من ضياع
فبنى صرح مجده بحطامى
وصديق جعلت نفسى فداه
زائدا عن حياضه بسهامى
ثم مال الزمان يوما بحظى
فإذاه فى الروع أول رام
هذه ومضات من شاعرنا الفذ صالح الشرنوبي حيث فلسفة الحياة بين الحرمان و الحيرة و القلق و التبرم و الشكوي و التساؤلات و التبرم من تخلي روح الصداقة فجاء شعره رصدا لظواهر تهدد سلامة الانسان مع الصفاء في تلاقي يفتح روعة الصور الفنية من خلال تجربته مع الحياة برغم رحلته القصيرة ----
سلام علي الشرنوبي في سجل الخالدين
ليست هناك تعليقات