أحدث المواضيع

رائد مهدي / العراق (( هوية الوهم ))




(( هوية الوهم )) 
دراسة نقدية في نص الاديبة العراقية - منى الصراف - في قصتها القصيرة - ألواهمون - . 
يعد الوهم المادة الخام التي تتشكل منها حزمة من الانفعالات التي تقود صاحبها الى احدى اتجاهاتها ولا تعدد في ذلك الاندفاع المبني على استقصائات اعتاد المرء على طرقها وعبر مسالكها يسير نحو حقائقه التي يؤمن بوجودها ولو انكرها العالم كله ولأن الوهم هو اسهل السبل لذا يلجأ اليه اولئك الذين اغلقت عليهم المنافذ وضاقت بهم الاحوال وطوقت الظروف اعناقهم بحبال الضغوط فلامفر من ذلك الواقع المتشابك الا لأقرب المقربين لذهن الانسان الا وهو الوهم ذلك العالم المترامي الاطراف والذي به يتحقق كل الذي لاسبيل لتحقيقه في عالمنا المادي ضيق الوجهات .وهنا ارادت كاتبة النص ان تجعل للوهم قيمة لها وجود في حياتنا لا كما يظنه الآخرون عدما بلا قيمة وضمن احداث القصة تشير الكاتبة ان لذلك الوهم عمرا زمنيا طال لعشرات من السنين فكان الوهم كائن يسير برفقة كائن وللوهم وجود زمني كأي موجود من الموجودات وليس بين الموجودات من لاوظيفة له ولا دور لذا ابرزت القصة وظيفة للوهم ودورا في حياة انسان من المجتمع سحقته ظروف الحياة واقصته الى اضيق احوالها واكدر زوايا ظروفها الشاقة .يضاف الى ذلك ان الوهم يعدد الحقيقة وينوعها ويكسر روتينها المعتاد بأذهان اولئك المستقرين عاطفيا وماديا وكل الامور تسير لصالحهم .ونستقصي ايضا معاناة كبيرة ينقلها النص لأنسان يراه الآخرون على بعد الوهم وهو في ذات الوقت يراهم واهمين الى حد اللعنة والى جهة الوهم ينسب توجه اذهانهم وعليه طواف افكارهم واعتكافها .ومن وجهة نظري ارادت كاتبة القصة ان تنقل معاناة جمعية عبر نافذة فرد هو جزء من كل .فالكل تراهم واهمون ولا يعلمون وليس بينهم احد يتقبل اوهام احد وكل يدعو الآخر للتخلي عن اوهامه فهناك دعوة من الفرد للجماعة بتغيير قناعاتهم وهناك دعوة من الجماعة للفرد بتغيير قناعاته ومحور تلك الدعوات تدور على مدار الوهم الذي عليه يدور الجميع وأحدهم يرى الآخر واهما يسير على ابعاد الوهم .بعد تلك الاشارات نحكم لهذا النص بالتميز لتطرقه لفكرة نفسانية عقلية والغوص في ذلك البعد العلمي واكتشاف مجاهله عبر شفرة ادبية معقدة وصور متداخلة كانت تطابق حالات الوهم بدرجة ليست بالهينة وكانت موفقة بنقل المعاناة الفردية التي سلطت الضوء عليها اكثر من الجانب الجمعي الذي اعطته دورا تسلطيا يخدم الوهم عبر ضغوطه على الفرد من حيث لايعلم .وكانت الاديبة منى الصراف قد نجحت نجاحا عارما في ابراز هوية للوهم الذي يحكم الجميع بعد ان كان نكرة يدعي الجميع البراءة منه والوقوف بالضد منه ولجميع السائرين على دروبه وفي شعابه . ارتسمت الي ملامح تلك الهوية للوهم عبر دراستي لنص الكاتبة العراقية - منى الصراف - في قصتها القصيرة التي حملت عنوان :
- الواهمون -
كل صباح يفتح ابواب ذلك المسرح العتيق، يسمع تصفيق الجمهور بعد ان يقفوا له على الاقدام اجلالا واكراما وحبا ... يعتلي منصة المسرح بجسده النحيل وخطوط وجهه العميقة اخترقت حتى العظام .. ينحني للجمهور بكل خشوع ويردد :- 
ايها الواهمون ! الحب بخيل ! والفرح مجرد عنوان !! واحلام ليست كما هي الاحلام .. تختلط برائحة التبغ والعفونه ... !! وتلك الحياة التي ما انفكت تنظر الينا بشراسة لتخبرنا اننا هالكون ولم امنحكم سوى الاساءة ولعبه بين خسارة وربح ... ! آهات .. اذلالات .. وجميع اسألتكم ستترك بدون اجابات ...! 
من وراء زجاج نوافذنا عرفنا ماهية الوجود حين يلطخ بالبياض !! عزة نفس.. اتزان.. عقائد اشياء اصابتنا بالسأم !! ماذا لو تلاشينا في الوحل حتى الراس !؟ ونكون كما انتِ يا حياة ! . ذهب كلكامش لاسطورة الخلود ..غبي لدرجة النمرود ...........
انحنى امام الجمهور مرة اخرى لكنه لم يسمع اي ضجيج وتصفيق غير صوت صاحب العمل الاجش ليخبره : اين انت يا حسان اجلب لنا تلك الرزم المرقمه من الملابس المستعمله في الجهة اليسرى من المسرح وانقلها لنا الى الشارع العام ....... 
نفذ حسان الامر لينتظر فجر صباح جديد يصعد به المسرح وحواره الذي ما انفكت ذاكرته المتعبه من نسيانه منذ ثلاثين عاما لتخبره كم كان عظيما وفنانا ...... !!
**************

رائد مهدي / العراق

ليست هناك تعليقات