تغريــــــــدة الشـــــــعر العربي بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
تغريــــــــدة الشـــــــعر العربي
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
--------------------------------------
مع زنار الريح
الشاعرة الفلسطينية نداء خوري – 1959 م
أمطرتنا الأرضُ على البلاد
ورداً بجناحات
لو نظرتَ .. ترى
كل البلاد ورداً واقفاً
يبكي الثرى .
----------
من فلسطين الارض المقدسة و الاقصي الشريف نتجول في منطقة الجليل مع عالم ابداع للمبدعة المتميزة " نداء خوري " التي تقدم لنا صوت المرأة الحافل بالقضايا العصرية من خلال فيوضاتها الشعرية المفعمة بالتاريخ و المقاومة و الحب و العصافير التي تهاجر تبحث عن النور و التخلص من القهر في وادي الحرية ورائحة الزيتون و تراث الامجاد حكايات يطول سردها نتذوقها من باحات الشعر الفلسطيني المعاصر هكذا نمضي بين مسافات الاشواق نمسك بتجربتها ذات الظلال الجميلة ------
ولدت الشاعرة الفلسطينية نداء خوري عام. 1959م بقرية قسوطة بالجليل
ولم تكمل دراستها فالحياة جامعة و تكتفي بالثانوية العامة. تعمل موظفة
و قد حققت الشاعرة والكاتبة نداء خوري من فسوطة إنجازا كبيرا بعد تسع سنوات متواصلة من العمل الأكاديمي في جامعة بن غوريون في بئر السبع علي درجة " بروفسير " .
وباشرت نداء خوري عملها في الجامعة في العام 2005 وتدرجت في سلم العمل الأكاديمي حتى تم تعيينها كمحاضرة كبيرة معتمدة في قسم الادب العبري مجال الابداع الادبي.
كما انها تتبني قضية الدفاع عن المرأة فهي عميقة الرؤي لها بصماتها في الحركة الثقافية مع استحضار تاريخي و تراثي زاخر بالمعالم المقدسة ---
عضو في اتحاد الكتاب العرب. نشرت العديد من قصائدها في الصحف والمجلات الثقافية.
شاركت في بعض المهرجانات الشعرية.
ترجم بعض شعرها إلى الإنجليزية, والهولندية, والعبرية. أعدت عنها دراستان في جامعة حيفا, كما كتب عنها عدد من النقاد منهم تركي عامر, ونبيه القاسم, وموفق خوري.
تشعر بمدي الجرح و الغربة ومرارة الاحتلال و النزوح و المخيمات فتنتابها الحسرة و يسيطر علي كلماتها القلق و يساورها الشك و الظنون فتعبر عن كل ذلك الاوهام الحقيقية في مشاعر ألم في قصيدة طويلة نختزل منها هذا المقطع بعنوان " بلا عنوان " تتجلي فيها فلسفتها مع واقع الحياة في تأملات واسعة المدار تقول فيها :
الأفق رجلي الأخير
أشك فيه جسدي
نورس يقرأ وجه البحر دوائر
أكسر الموج على ركبته
أتقن انتحاري
أنت يا أفقي الأخير
أسيل على أصابعك مثل الدمع..
دواوينها الشعرية:
أعلن لك صمتي 1987 ـ جديلة الرعد 1989ـ زنار الريح 1990.
مختارات من شعرها :
مع قصيدتها الرائعة عن حكاية الأرض و التاريخ و الحب بعنوان " أمطرتنا الأرضُ على البلاد " تقول فيها :
أمطرتنا الأرضُ على البلاد
ورداً بجناحات
لو نظرتَ .. ترى
كل البلاد ورداً واقفاً
يبكي الثرى .
رفرفةٌ .. طيرٌ مذبوح
أجنحةٌ مكسرة
خاطرٌ مكسور
عمرٌ منعوف
مذبوحٌ بنصلِ المبخرة .
ترفرفُ البلادُ جناحات محاصرة
مخيم مهدوم
فصل مقطوع
فصيل مزروع بدروب المقبرة .
لو نظرتَ ترى
ورداً يغطّ المناقير في التراب
وينتفض من لون السواد
صوتاً كالغراب
وورداً تخثَّر عطرُهُ
ولونه يجري ، كالنهر المذبوح يجري
مذبوحاً في عنق الفتى
وفي ذات العنق
نهر يستحم بالعطش
يتلوى من مذابحه
ويدمل مجراه
من غضب السحاب .
أمطرتنا الأرضُ على البلاد
ورداً بجناحات .
وانكسر جناحُ اللون
توشحوا بالسواد
انكسر جناحُ الصوت
صرخوا ..
انكسر الخاطر
انكسروا ...
ومرّوا جنازاتٍ تحملُ الجنازات .
وجناح النهار تحاصر
ثم تجاسر وانتحر .
وأمطرتنا الأرضُ ورداً
ووردنا العطش
اختنقنا ...
من فيوضات البشر .
سِلْنا وماعَتْ ملامحُنا
وتغشم العمرُ عنّا
أمطرتنا الأرض
شربتنا السماء
لحنا جنائزياً مكللاً بالفناء .
= = =
و تقول شاعرتنا الفلسطينية المتألقة ندي خوري في قصيدة أخري بعنوان " الليل الأخرس " حيث تتجلي ظاهرة الليل التي ترمز الي الظلم و العذاب الذي يخيم علي اهل المخيمات ما اقساه ليل الاحتلال و الصمت المخزي و ان جمال الليل يتحول الي شبح أخرس لا ينبيء بالفجر و النور وحركة الطيور وشذي الازاهير مع ربقات الامل المنتظر علي موعد العشاق حول القمر ويحلو السهر ليل لا يولد الا القهر مع موسيقي حزينة ذات شجن يعصر شفاه المدائن :
الليـــــل الأخـــــــــرس
لو أدرك الليل موسيقاه
رقص على خاصرتي
وطرب على شفاه المدائن.
لو علم الليل ضجيجَه بي
انتحر إلى الأبد
في صبح مرهق
عند باب احتمالي.
لو أفاق الليل على حُلمي
أمطر نجوماً على ستائري
وأبرق قمراً إلى داخلي.
لو نام الليل ليلة في جلدي
أتعبه النقيقُ, وأرهقه
تدفُّق دمي
وارتحل من غربتي.
صوتي يمزق السكينة
قُبلتي تحرق الليل
عمري يدخن الحب
ينفخ الزمن
في غرفة الأزل.
يختنق الليل لأني
أتنفس كلَّ هوائه
يموت
وتملؤني الشمس
ضجراً.. سفراً.. وانتقاماً...
لعلنا نكون قربنا هذه الصورة الشعرية و الفنية في عالم شاعرتنا الفلسطينية المتميزة و الواثقة برسالتها التي تحمل هموم وطن عند " نداء خوري " نسبح بين دلالات قصائدها التي هي وجه الحداثة بين الرمزية و الاسطورة تستدعي القيم من تراثنا الخالد توظف المواقف في حركة التاريخ في محطات الحب في تناغم تستدعي عظمة الاجداد تبث القوة في كيان الشباب ظاهرة فلسفية تستحق ان نتأملها في مطالعات متكررة نمسك بجواهرها التي تعكس عبقرية الكلمة في سياق الواقع ورفض المأساة هنا -------
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
==========
ليست هناك تعليقات