قصة قصيرة بعنوان:((القضاء و القدر)) الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد.
قصة قصيرة بعنوان:((القضاء و القدر))
جالست صديقا لي ذات مساء و رحنا نضرب في قضايا شتى،حتى استوقفنا قطار الحديث عند القدر الذي يحسبه صديقي عبثا فقد رأيته فيما رأيت أنه لا يؤمن به و لا يؤمن بأنه هو الذي يسطر لنا هذه الحياة و يتحكم في أننا مساقين على عيشها كما يريد رغم أننا نحن من يرسم هذه الخطى و يبني لبنات حياتنا ففي النهاية دوما هو الغالب المسيطر المتحكم فلا نجد نتيجة نرجوها و لا غاية نأملها في جهدنا ذاك و لأينا إلا نصبا لا يغني عنا شيئا. فرحت أروي له قصة حدثت من وحي الواقع:
كان الأصدقاء الثلاثة:(أحمد) و (خالد) و (سعيد) لا يفترقون إلا للضرورة فحياتهم كانت متصلة بعضها بعضا حتى كدنا نظن أنهم إخوة أو نحسبهم توأم و أن قدرهم واحد إن نجح أحدهم نجحوا جميعا و إن خسروا،خسروا جميعا و أن يوم زواجهم سيكون واحدا و يوم موتهم سيكون واحدا أيضا.
مرة الأيام تمحو بعضها بعضا متوالية حتى جاء يوم حير الجميع يوم لا زال الناس يذكروه حتى اللحظة رغم أنه مر عليه سنون ظننا أنها ستسكنه الثرى أو سيكون ذكرى تبلى و تصدأ مع مرور الوقت.كان ذاك اليوم هو عز الصيف الشمس حارقة و الأبدان تتمطى خمولا و كسلا و العرق يتصبب تصببا منها.فعزم الأصدقاء على القيام برحلة إلى البحر في صباح الغد فحضروا ما شاؤوا تحضيره إلا خالدا فقد رفض أبوه أن يسافر في ذلك اليوم و أن يرمي بفكرته هاته إلى يوم من أيام المستقبل لأن أمه مريضة،و لكن هذا الرأي جاء متأخر فلم يسطع الصديق إخبار أصدقائه بذلك.
حين تنفس الصباح و لبست الطبيعة رداء النور الأبيض رن الهاتف متواصلا نهض أب خالد وجلا قلقا و هو يقول في قرارة نفسه:من يهتف الآن في هذه الساعة و الناس نيام؟؟فعلم من أب أحمد أن صديقا خالد قد عملوا حادثا و لقوا حتفهم فاغرورقت عيناه بالدموع و الحزن يقطع قلبه ثم حمد الله بأن ابنه خالد لم يذهب معهم و قد أمسكه عن الموت،مرت ساعة بعد الحادث و الأب ينتظر قيام ولده من سباته الذي طال على المعتاد فقرر أن يخبره بهذا النبأ و يواسيه قبل الخروج من البيت، وضع يده على وجنته و إذا به بارد،حركه و حركه و لكنه جثة هامدة لا روح فيها فقد فارق الحياة،فأدرك لتوه أن الموت أراده مع أصدقائه فأخذهم سويا فلا سلطان على القدر و لا ملك على القضاء.
كان صاحبي يستمع باهتمام بالغ و لست أدري إن كان بعد هذا قد آمن بالقدر أم ما زال في ريبه ذاك.
********بقلم الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد.
ليست هناك تعليقات