المستحيل الشاعر حسن منصور
المستحيل
إذا لم يكُنْ لــك نابٌ ومِــخْــلَـبْ|| ولــوْ كـنتَ لـيْــثاً فــإنَّكَ أرْنَــبْ!
ولـوْ كانَ بأسُك بأسَ الحَــديــدِ|| وكنْتَ الشُّجاعَ الذي ليسَ يَرْهَبْ
وفيكَ اقْـتِدارٌ على كُلِّ خَــصْـمٍ || ولكــنَّ عـفْـوَكَ شيْءٌ مُــجَــرَّبْ
فــأنْتَ تُســامِــحُ كلَّ مُسيءٍ || وتغْــفِـرُ ذنْــباً لـمَــنْ كان أَذْنَـب
ولوْ كنتَ تَسْمو على كلِّ غَيْظٍ || لأنَّـك أنتَ الـحلــيــــمُ المُــؤَدَّب
لقــالَ الــرِّعاعُ: ضَعــيفٌ يَخافُ || وَإلا لمـاذا مِنَ الحَرْبِ يَـهْـــرَب؟!
********
ولــوْ كنتَ أنتَ نظــيفَ الـيَديْنِ || وما كانَ يُغْـريكَ مـالٌ ومَـكْسَب
ومـا كنتَ تبكي إذا فــاتَ رزقٌ || أوِ الفــقرُ صـارَ لِساحِـكَ أقْــرَب
ولوْ كنتَ تزْهَدُ في أكْلِ سُحْتٍ|| وتَحفَــظُ نفسَكَ مِنْ كلِّ مَـثْلَبْ
وَتَنْـحِــتُ صَخْــراً لِتَــسْتَلَّ زاداً || وما كُنتَ تَشكو ولوْ كنتَ تَتْعَب
لأنَّــكَ تبْــغــي البقـــاءَ نَـقِــيّاً || وتعْــمَـلُ وِفْقــاً لِدينٍ ومَـذْهَـب
وتُـؤْمِـــنُ أنَّ الجَـــزاءَ وِفـــــاقٌ || وَمـــا كانَ ساعٍ مُجـدٌّ يُخَــيَّـب
لقـال الرِّعـاعُ: وكــيفَ يَـعِـــفُّ || وَيـتْـرُكُ عِــزّاً بِمـالٍ ومَـنْــصِـب ؟!
********
ولــو كنتَ عَـفَّ الــرداءِ تَـقِـــيّـاً || تصونُ العفافَ وفي الله تَغضبْ
وكـنتَ حَــصـاناً إذا مــا ظَمئْتَ || فمِنْ غيرِ حَوْضَكَ ما كنتَ تشرَبْ
تَعافُ الحَـرامَ وتَرْعى الذِّمــامَ || وتُفْشي السَّلامَ وفي الخيرِ تدْأَبْ
وتحْفظُ عهْــدَكَ من كلِّ صَـوْبٍ || ولوْ سَـهْــمُ غَــدْرٍ إلــيكَ يُـصَــوَّبْ
ولوْ عشْتَ فيهم بقلبٍ سَليمٍ || ومــا كانَ يومـــاً لكَ الشرُّ مـرْكَبْ
لقــالَ الــرِّعاعُ: دَعِــيٌّ كَـذوبٌ || بِــوَجْــهٍ نــراهُ وآخَــــرَ يُـحْــجَـــب
********
ولــو كنتَ طالــبَ علــمٍ مُجِدّاً || وتسعى إليهِ وَتشْقـى وتَنْـصَـبْ
تَـمُــرُّ علــيكَ الليــالي الطِّوالُ || وأنـتَ بِمِـْــحـرابِــــــهِ تَــتَـــــأوَّب
وما كنْتَ تَلهَثُ خلفَ الحُطـامِ || ولا كــنْتَ غــيرَ علومِــكَ تَرْغَــبْ
ولــوْ كنتَ أعْلَـــمَ أهْلِ الزَّمانِ || ومــا كـنتَ تُـعـنَى بماذا تُلَقَّـبْ
تَرى في التَّواضُعِ خيْرَ الصِّفاتِ || وأطـيَبَ عيْـشٍ وأنْبَـلَ مَـطْـلَــب
لقــالَ الـرِّعــاع بكلِّ سَفـــاهٍ: || قَضى العُمــرَ بينَ كِتابٍ وَمَكْـتَب
فـقيراً، ومـا كانَ يَقْـتاتُ شيئاً || سِوى وَرَقٍ مِــنْ كـتابٍ مُـتَرَّب!!
******
فهلْ سيَـضـيرُكَ قــوْلٌ هُـــراءٌ || وَيُقصيكَ عنْ فعْلِ شيءٍ مُحَبَّب
أيَحْــرِمُ هـذا الغُــثاءُ المَـــريرُ || من الكوْثَرِ العذْبِ مَنْ كانَ يَشرَب؟
وهــلْ سَيُعَكِّرُ بعـضُ الضَّبـابِ || صفــاءَ عُيــونِكَ عن ضَــوْءِ كَوْكَب؟!
لـوِ الأنْبِـيــاءُ أصـاخــوا لِــهُــزْءٍ || أوِ القـلــبُ يومـاً بِهــمْ قد تَقَـلَّب
لكانوا اسْتكانوا لأهْلِ الضَّلالِ || وَسـادَ مِنَ الكُفْــرِ أسْوَأُ مَــذْهَـب
ولمْ ترتَفِــعْ رايَـةُ الحَــقِّ يَوْماً || ولا عَـــــرَفَ العَــــبْـدُ أنَّ لـــهُ رَب
فسِرْ في طَريقِكَ عَـفَّ الرِّداءِ || قــوِيَّ الإِبــاءِ وَدَعْ كــلَّ ثَـعْـلــــب
فــإنَّ النُّسـورَ تَرودُ الأَعـالـي || وتَبْـقى لِأَسْمَى العُـلى تَتَـوَثَّـب
ولمْ تَدْرِ أيْنَ الخـنافِسُ تَأْوي || وَفي أيِّ جُــحْرٍ يُعَشِّـشُ عَقْرَب!!
**********
[من المجموعة الثانية عشرة، ديوان: (عندما تنكسر الدائرة) ]
الشاعر حسن منصور
ليست هناك تعليقات