ذكريات/ بقلم وفــــــاء مــــاضي
ذكريات
جلس مسترخيا على صخور البحر المترامية على الشاطئ منبهرا بعنفوان البحر وضجيج الأمواج ، عيناه تحومان في قلق وغربة تجاه الأفق البعيد ، وفي ذهول من اتساع البحر وعمقه وحركتي المد والجزر شرد بأفكاره بعيدا نحو المجهول ، وتسلل الماضي إلى بؤرة الذاكرة ، رغم الصمت الذي يلف المكان إلا أن صوت البحر كان يعلو كأنه ينتحب مذكرا إياه بنحيبه في الماضي
الذي ظل يؤرق حياته ويحبس دمعه..
شد انتباهه تلاحق الأمواج وتلاطمها بقسوة وعنفوان ، تعجب كيف تبتلع بعضها البعض دون هوادة ، رائحة اليود التي تنتشر في المكان تتخلل صدره فتنشط ذاكرته ، يتذكر أيام الطفولة التي قضى معظم أوقاتها على نفس الشاطئ وعلى ذات الصخور المترامية حوله ، وكأن الزمن توقف ولم تدر عجلة الحياة ، تدرج بالذكرى إلى مرحلة الصبا والشباب وحبه الأول الذي مازال يسكن القلب ولم يبرحه ، وأغلق القلب بمفتاح الحياة والموت تذكر حبيبته كيف ضاعت أمام عينيه في لمح البصر وقد عجز عن إنقاذها بعد أن احتضنها البحر وأبت أمواجه أن تترك هذا الحضن ، وغاصت بها إلى الأعماق ، تساقطت دمعة حارقة انتشلته من الماضي
ثم زفرة حارقة يُخرج معها بعضا من آلام حبيسة بين ضلوعه ،ترنو عيناه إلى السماء داعيا الله أن تكون حبيبته حورا له في الجنة وأن يرحمه الله من شعور الذنب لانتصار الموج عليه ، يتوه
في فضاء سرمدي تضيع منه الساعات وهو جالس على الصخور يتأمل لحظات الغروب والقرص الذهبي وهو يغوص ببطء في قاع البحر كأنه على موعد للحاق بحبيبته، يومئ برأسه شاردا،فجأة
تمر أمامه حبيبته المفقودة نفس الملامح الجذابة والوجه الملائكي والشعر بسواده الليلي والقوام الممشوق ،الدلال والخيلاء هب منتفضا واقفا وركض وراءها مناديا اسمها ،التفتت إليه وعيناها تلمع فرحة مد يده مصافحا صافحته عانقها عانقته ولم تبرح حضنه أغمض عينيه حتى لا تغيب ثانية عن ناظريه وذاب في مشاعره ...**********
ليست هناك تعليقات