\\كلا يا سيدتي ..\\---------------------------------------بقلم أحمد محمد الملاح التائه..

\\كلا يا سيدتي ..\\

كلا .. لم تكن غير صادقة أو غير نابعة من أعماق الشعور و الوجدان عنك
كتاباتي لم تكن كما أطلقت أنت عليها مجرد إدعاءات كاذبات .. لم أكن أكذب عندما أخبرتك أن هواك هو الدنيا بأجمعها و أنك فرحة عمري الآتي .. و لكن ما هي الجدوي الآن من أن أبرئ ساحتي أو أن أدفع عني اتهاماتك .. إذا كان منك المشتكي و كنت أنت الحكم و فيك كان الخصام .. إذا كان قلبي قد لفظ أنفاسه الأخيرة و توقف النبض و انتحرت من قبله المشاعر.. و تبعتها الأشواق ..

كنت كالغريق الذي مدت إليه يد من خلال الموج .. لم أكن اتصور أن اليد التي أمسكت بيديّ و كانت سبببا في منحي حياة يمكنها أن تتركتها لتصارع الموج مرة أخري و تلقي مصيرا مجهولا .. و لكن سلواي أن آخر ما كانت تتطلع إليه عيناي هو وجهك و إن كان جامدا باهتا و أن آخر ما كانت تسمعه إذناي هو صمتك و إن كان مريبا رهيبا و أن آخر ما لمسته يديّ هو يدك و إن كانت سببا في غرقي.. و أن آخر ما كنت أفكر فيه هو أنت ..

كنت أخبرك دائما بأني جراح عميقة تداري حزنها و ضعفها و تتواري و تختبئ في ملامح إنسان و كنت تقولين : لا عليك سأنسيك جراحك و آلامك سأضمدها لك حتي تبرأ منها و تشفي .. و تقولين مبتسمة سأنسيك حتي من أنت و من تكون ..و كنت محقة يا سيدتي و عند كلمتك فلقد نسيت بالفعل من أنا و أصبحت بلا تاريخ و لا إسم و لا عنوان ..

كلا يا سيدتي لست أنا من أخبرتك أنك كنت تتمنين أن تظلي برفقتي حتي الرمق الأخير ..لست أنا من كنت أتساءل هل سيأتي اليوم الذي نكون فيه سويا حتي يبلغ بنا العمر مداه و أكون كهذا الرجل الطاعن في السن الذي يقف بشرفته و يطوق إمراته العجوز بكل حنان و حب و كأنهما مازلا حبيبين في مقتبل العمر .. و لكم أخبرتيني أن التطلع إليهما يروق لعينيك كثيرا ..

كلا يا سيدتي لست أنا من دبرت و أحكمت و أقدمت علي اتخاذ القرار بالبعد أو بالموت فكلاهما عندي سواء .. ذلك القرار الذي كان في ظاهره الرحمة و باطنه من قبله العذاب .. لم يكن قرارا بل كان انقلابا عنيفا علي شرعية حبي لك .. و لو كنت أنا فقط ألمحت أو حتي فكرت باتخاذ هكذا قرار كانت ستنقلب الدنيا عليّ بأسرها و لن تهدأ ثورتها و كان سيتم و لا ريب تقديم أوراقي و بلا تردد إلي "مفتي القلوب" للبت في أمر قلبي .. كلا و ألف كلا أنا يا سيدتي ما عليك كذبت ..