أحدث المواضيع

قصة قصيرة:مناشير الموت---‏حسين بن قرين درمشاكي‏


اصطحبت إبني في ذلك اليوم، إلى أحد المحال التجارية لإبتياع بعض الحاجيات الضرورية ومنها قناديل الإضاءة،قبل أن يطبق الظلام أجنحته على القرية.في تلك الأثناء، كانت طائرة معادية تشق السماء بإتجاه الغرب. غازلت الشمش جناحها، وهي تنحرف شمالآ .. وغابت عن الأنظار عبر الأفق الازرق..فجأة،جاء ذلك الصوت الرهيب..كان لقنابل إعتاد العدو اطلاقها لبث الرعب و إثارة هلع وخوف الناس..تلاه ما يشبه إنفجار مفرقعات الألعاب النارية، وتطايرت أوراقآ هائلة مضمخة برسومات ومناشير للعدو. تارة تحذر..تنذر وتتوعد.. وأخرى، وفي مكر ودهاء خبيثين، ترسل إشارات لطمأنة الآهالي،زاعمة انها أتت لأجلهم..لتحريرهم من الطغيان!! إنتشر الأطفال.. و الكبار الأطفال،في ساحة الحي متزاحمين، متدافعين، يلتقطون مناشير الموت.. كان ابني يراقب المشهد في ذهول.. احمرخده من شدة قيظ الشمس،التي صوبت أشعتها الحارقة إلى روؤسنا، المكتوية بفاجعة الحرب اللعينة..صار يصيح: الطائرة يا ابي..وأجهش بالبكاء..هدأت من روعه.. أسرعت خطاي إلى البيت.. كانت جيوش قلق أمي في إنتظارنا،في حالة تأهب، خوفآ علينا..تناولنا الغداء ، الذي أعدته أمي على كانون متهالك،كسى لمعان الطنجرة التي صارت تندب حظها لندرة غاز الطهو،بالسواد..قدمت لنا أختي وعلى عجل، جرعات ثلاث متتالية من الشاي.. سويعات قليلة،و أرخى الليل سدوله،مثقلآ بآهات ظلام حالك..سريعآ، بدأ الطيران الحربي المغير،يجوب السماء،لكن دون ضجيج..إذ يبدو انه اكتفى بطلعات مكثفة، ترقب كل شيء بدءآ من فوانيس النجوم المعلقة في سماء البلدة وصولآ لأنفاس سكانها..على إيقاع الترقب وإنتظار المجهول،وما سيحمله من مفاجآت،ذاب الوقت، فشرع الليل يحزم أمتعته للرحيل، ممتطيآ هروبه، من الشفق الأبيض الذي نثر تباريج نوره..رميت علبة سجائري بعد أن نفثت سم آخر سيجارة في ريئتي وارتشفت رشفة من الشاي،وقمت أهيئ نفسي للصلاة...كانت أمي ماتزال جالسة على حصيرتها ترتل آيات بينات من الذكر الحكيم..

ليست هناك تعليقات