أحدث المواضيع

قصة قصيرة : بقلم / علي حزين


إحساس قابل للكسر 

يضع يده على فمه.. يكلمها .. ترفع رأسها تجاه حقيبتها الزرقاء .. وهي ترد عليه .. يبلع ريقه.. يضغط على نظارته .. يُثبتها .. يواصل كلامه.. تومئ برأسها .. وتبتسم .. يضع قدمه في وجه الجالس أمامه .. يمد يده يشير.. يهمس في أُذنها .. تضحك ينتشي .. ينبسط .. ينتشر الدم في وجهه .. أما انا يمتقع وجهي .. ويفور الدم في عروقي .. مغتاظاً .. نظرت إليها .. فابتسمت .. وألقت بصرها على الأرض .. وأناملها تضرب علي ساعة معصمها .. شردت هنيهة .. يسُّر إليها حديثاً آخر.. ترجع إليه البصر .. فاتراً .. فيتمكن من جلسته .. يسترخى على مقعده .. همّمّت أثب عليه .. أركله .. أصفعه .. يلقى به من نافذة القطار .. حتى يطفئ بركان الغضب .. الذي تفجر بداخلي .. منذ رأ يتهما يتحدثان .. تمنيت لو أن الأرض تنشق فتبلعهما .. أو تنزل عليهما صاعقة من السماء .. أو اني لم أرهما .. نظرت إليها ثانية .. فألقت عينيها من النافذة .. فتحت أجندتي السمراء .. قرأ .. الأسم "....... " .. العنوان .. تاريخ اول لقاء بيننا ... رقم الهاتف "............" .. رأيتها هنا في نفس المكان .. صدفة .. والسماء تشتي علينا .. لن انسي هذا اليوم ما حييت .. كانت صدفة جميلة .. أتغير فيها في ثنية .. جلست بجوارها.. مرتبكاً .. مرتعشاً من شدة البرد .. دار بينهما حوار .. لا أدري كيف بدأ او كيف انتهي .. فقط أحسست حينها .. أنها نصفي ألأخر الذي طالما بحثت عنه .. ورأيت فيها إنسانة .. مختلفة تماماً .. وبكل المقاييس عن الآتي عرفتهنّ .. في البداية شدني جمالها الهادي .. والهدوء الذي كان يملأ وجهها البلوري المشّرب بالحمرة .. وأدبها الجم .. تضحك بصوت عالِ .. ألتفت .. تضرب كفها بكفه.. يتألق وجهها .. يبرق .. تلمع عيناها.. .. "أبوها رجل فاضل , وقور .. كان حديثه معي .. ينم عن عقلية متزنة .. ورأى راجح .. وكانت أسمع إليه .. وأنا أسترق النظرات إليها .. من حينِ لآخر.. حتى لا يشك في الآمر .. نظرت إليها ..ارتبكت .. أمسكت قلمي .. تلفت عن يميني ..فتحت صفحةً بيضاء .. وكتبت فيها أقول " لو تأتى ألان .. لو يأتي أُستاذي الفاضل في تلك اللحظة.. لتريني ما تصنع .. حين تسمع وتري .. بأم رأسك .. كتفه في كتفها .. وعيناه في عينها .. وهما يتهامسان ..ويضحكان .. ترى ما أنت فاعل .. وقد رأيت ما رأيت .. وسمعت ما سمعت .. وهي تجلس مع رجلِ غريب .. غيري ..لا أعرفه .. وقد التصقت .. الأكتاف .. والأرداف .. والساق بالساق .. وأنت الرجل الوقور .. الفاضل .. الرشيد .. هه .. هه .. لقد أكلت مخي بالفضيلة .. والشرف .. وكدت تجعلني مثلك.. مجذوب .. جعلت منك شيخاً .. وصرت لك مريداً .. تسألني , ولا أسألك .. وتعترض على , ولا استطيع الرد .. وأُسلم لك كل شيء .. وأؤمن به , ولا اعترض .. واعلم انك كاذب .. مخادع .. وعندما أراك قادماً ً.. أقوم إجلالاً .. وإكباراً .. وحباً , وكرامة .. وأُؤثرك بمقعدي .. لتجلس عليه وتتربع .. وأنا علي رأسك أقف .. أخدمك .. وأقيك الزحام .. وحر الشمس , المحرقة في الصيف .. وبرد الشتاء .. لكني الآن أعترف .. أن ما فعلته قديماً .. ليس من أجلك .. بل من اجل فتاتك .. تلك المستهترة .. ال..........." .. والتي تقطع الآن .. كل حبال الوصل .. وتقعل كل ما زرعته .. من مسلمات جنونك .. في عقلي .. فسمح الآن لي أن أقول لك .. بملأ فمي .."طظ " .. نعم أقولها لك أنت .. فقد كفرت بك .. وبشرفك الذي تدعيه .. وفضيلتك المزعومة .. فأن فتاتك هذه .. اختارت لك .. مريداً أخر غير .. ربما يكُن أبر مني .. يحافظ عهدك .. ولا يعصي لك أمراً .. أو يسألك عن شيء .. فتحدث له ذكري .. وإن مرقت من يديك .. فلا تضيق صدرك مني زرعا .. ولا تحزن .. واطمئن .. لن تدعك فتاتك بدون مريدين .. وأتباع كُثُّر.. يطرقون بابك .. يطلبون رضاك .. ويرجون فتاتك .. أما أنا من اليوم .. كفرت بك .. ونفضت يدي .. وطهرت .. وألقيت عهودك كاملة .. في المرحاض .. تبرأت منك , ومنها .. وبرئت .. فلتقل أنت , ما تشاء .. ولتضحك هي لمن تشاء .. وعلي من تشاء .. " .......... تنتهي الصفحة .. أقفل الأجندة ببطء .. وأرفع رأسه فوق .. أتمطى .. أ شعر براحه غريبة .. وهدوء .. غريب يملأ نفسي .. وقد هدأ بركان الغضب .. رميت عليهما نظرة باردة .. وهو لم يزال يهمس .. وهي تضحك .. يقترب القطار من المحطة .. أنهض .. أُنزل حقيبتي .. أتمشي في ردهة القطار .. بتؤدة ....لا ألتفت .. وأنا أُغادرهما .. ترن في أذنه ضحكة مفتعلة .. أضحك في نفسه .. أُقفز جاكت الجلد .. والقطار يدخل المحطة .. وأنا أخذ طريقي إلي الباب .. والرصيف يعج بالركاب .........

ليست هناك تعليقات