أحدث المواضيع

الزوجة الصغيرة----‏‎Zainab Rummaneh‎‏



سمات باردة تحمل بقايا من ذرات ندى الليل المتآكل بتباشير القجر المحمل بغيمات أيلول. 
كنت بحالة لابأس بها من النشاط على غير عادتي بعد سهرة يوم السبت المعتادة مع الاصدقاء التي تمتد للساعات الأولى من الفجر 
هبطت سلم العمارة بسرعة لأجد فتاة في مقتبل العمر تتكئ على مقدمة سيارتي وإلى جانبها طفل يناهز الثالثة من العمريلهو بلعبة أكل عليها الزمن وشرب .
تنبهت الأم لخشخشة المفاتيح بيدي وبدهشة ابتعدت وهي تبدي حركة اعتذار والطفل يردد ببتكاسل بابا بابا ..أمسكت بيده وابتعدت تجره ببعض العنف الذي هزني وكنت أمقته .
تركت سيارتي وتبعتها وعندي رغبة أن استجلي كنه لمحة حزينة ارتسمت على وجه الأم 
صادفني متجر ألعابٍ على ناصية الشارع العام دخلته وابتعت لعبة هي عبارة سيارة متحركة بالكونترول وأسرعت لألحق بهم ولكن للاسف اختفت الأم 
والطفل .
وعدت الى سيارتي ويممت وجهي الى مقر عملي في القصر العدلي 
وكانت مفاجأة لي أن أجد الأم وشخص أخر يحمل الطفل وملامح غضب تعتري وجهه وكلمات كالشرر يوجهها للأم الباكية ومن مجريات الحديث توصلت الى حقيقة فهمت بعضا من معاناة هذه الأم :
ـــ عادل ارجوك يمكنك أن تذهب مع أنس لاي مدينة ألعاب وتقضي يومك معه وتعيده لي ثانية هو لايستطيع النوم بدوني .
ـــ أنس سيرافقني الى البيت ويبقى مع زوجتي لمدة أسبوع أريد أن يعتاد وجودها لأني سأطلب ضمه لي .
واستمر الحوار على هذا المسار وكان النصر حليف الأقوى بين الطرفين .
ورحل الأب بالطفل دون أي التفاتة للام الباكيةالمنهارة 
وقفت مذهولاً لقسوة هذا الرجل أنظر مرة الى السيارة بيدي والى الام الباكية وإلى صورة الرجل والطفل التي بدات تتلاشى شيئاً فشيئاً .
ـــ هدئي من روعك سيدتي ، انا محامي ويمكنني استعادة الطفل وليتني أعرف شيئاً من التفاصيل .
وراحت بشرود مريع تروي ما غاب عني من القصة .
تزوجته بناءً على رغبة أسرتي هم جيران لنا منذ فترة طويلة كنت في السادسة عشر من عمري، والتحقنا باسرته بغرفة خصصت لنا ،بدأت معاناتي مع الأهل بعد أقل من شهر من الزواج وكأنني خادمة لهذا الحشد من الأخوة والاخوات ..كنت اقوم بعمل كل شيء لأوفر لهم الوقت للدرس والتحصيل ..لم تفكر اسرتي بمستقبلي العلمي كانت أمي دائماً تردد: البنت أخرتها لبيتها وأولادها ..وتحملت الضرب والإهانة نزولاً عند رغبة أسرتي من أجل الطفل الذي سيصلح حالي ويعدل بختي كما كانوا يقولون ..ولكن للأسف كان الطلاق أنجع الحلول وها انا لم أبلغ العشرين وهويتي تحمل اسمي ..مطلقة ..وأناضل لأحتفظ بطفلي خلال فترة الحضانة .
دموع مدرارة غسلت وجهها وشرقت مرات ومرات ببكائها وعيناها بشرود أليم تلتفت الى الشارع الذي سلكه الاب والطفل ..وكأنها تتوقع عودته لتحضنه من جديد ..وقبل ان اغادر الى مكتبي تركت لها رقم جوالي ووعدتها اني سأكرس كل جهدي لمساعدتها وتأمين عمل يعطيها دخلاً يعينها على تبعات الحياة .
وبقي السؤال الذي يطرح نفسه يلاحقني ..لمَ نقوم بزواج بناتنا في هذه السن المبكرة ؟.هن لم يتأهلن التأهيل الكافي لتحمل مسؤوليةأسرة تحتاج الى العناية والرعاية ..والدبلوماسية المطلقةمع المجتمع الخارجي المحيط بنا كالأهل على أقرب وجه . ولم نزج بفتياتنا بمعركة لا يوجد بها تكافئ بالخبرة والقدرات السلوكية ؟.. ليت كل أسرة تجيب على تلك الأسئلة قبل تقرير مصير تلك الفتاة التي جعل مصيرها رهناً بأهواء أسرتها .

ليست هناك تعليقات