العمر المجنون : بقلم / حيدر الجبوري
قادته من بعد سنينٍ عجاف,وطفقت تروي اشواك ذكريات تغرس نبالها صدرا علا الدخان فيه سواتر جبهة الجنوب بحرها وملح ارضها.وهناك, وثقت خلايا راسه روائح البارود وتعفن الجسد بقطيعة الغسل على امتداد ازمنة الهجوم بطول ايامه.وهناك, عرف ان رحيل اعز الجنود لن تابه له مشاعر فنان احب الغناء و الحياة حد العشق الصوفي والفناء..وماهو الا خبر: استشهد فلان. لكن فلان ليس الوحيد الان من تنهشه انياب الزعيق زعيق صواريخٍ وصوت الانفجار.وما الدمع الا مذاق ملحٍ لا يضاهي بزول اختفت بقياعانها اشلاء الشباب بكل ما تحمل جيوب بذلاتهم من صور الحبيبات و الدراهم و رسائل الاهل..روى لي ان عهدا عقد بليلة من اشد ليالي عمره جنونا,احمرت السماء فيها وتنافس صريخ اسلحة دمار الجانبين,فلم يستطع باي شيء يحتسب مسافة الركض واللهاث لحفرة الموضع, و التسقيط مستمر لخمسة جنود يسعون للاحتماء من شظايا الموت, بقي اربعة بعد صرخة أبعدت احدهم, بقي ثلاثة ,بقي اثنان, لتنتهي مسافة الالم برميه بين ظلام موضع لا ينيره غير ما راى في سماء الجنون,فأمضى بدمه عقده الازلي مع سيجارته التي اشهدها ان نجى فلن يتركها حتى تحرق هي ما تبقى من جسده بتلك الليلة. فطوت السنون الحرب كما طوت الحرب السنين.بفرحة ليلة ( حناء ) العرس عرس اخيه,صدحت الاغاني بمعازفها واخرج كل بندقيته يرمي لبهجة الحناء . فاختفت من اذنيه كل اصوات الحاضرين لتجلب له نسائم ليلة الصيف رائحة وثقتها خلايا دماغه منذ امد بعيد ,اشغل سيجارته واحس بثقل على راسه يشبه ثقل خوذةٍ ,وان رائحة بارود البنادق قد أيقظت به جنونا ما برح العمر ان يتعافى منه ...
العمر المجنون : بقلم / حيدر الجبوري
مراجعة بواسطة Unknown
في
10:39:00 م
التقييم: 5
ليست هناك تعليقات