أحدث المواضيع

كهف الغياب .. بقلم الأستاذ : عبده جمعه


كهف الغياب

۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩ تأمل ۩۩۩۩۩۩۩۩۩۩

بقلم الأستاذ : عبده جمعه

 







 












تدور كل الجهات العصماء مع التأمل المتزايد ، فماذا وجدت أنا خلاف ما وجد الأخرون ، ليبقى الجسد كما كان و تتخلى الروح عن القيود الدامية و المصابيح التى تتلو الضوء تبدو جائعة على سنام الظلام ، فهل أمر عليكم تباعاً لأترنم ببعض قطرات الزهد و أتزود من صومعة الحقيقة ، حتى أستطيع أن أبقى راحلاً فى صحراء التدبر ، فلا أرى على خطوط يدى أى واحة قد تغرى دمائى بالنزيف على حدودها ، و لا أرى سوى الماء الذى غادر الجب فترك واحتى حبلى بمعزوفة البقاء الأخير و تلهث الأنفاس لتلاحق أخر أرزاقها ، وسؤال محير يلتحف بخرافات تبدو كمناقير على أغصان أخطبوط الإستفهام ، فلا أجيب إلا بالخرس الكئيب ، هل سنخرج دوماً حتى نصطاد الضباب فى كهف الغياب ، و نلقى بأثواب الخيانة على أبواب الذكريات ، فليقف الجميع خلف أحاديث الرحيل و ليرفعوا نخب الرفات التى سبقتنا فى مندوحة العائدين ،،، يا أيها الكهف ، هل ستموت غرقا فى بحار تقرصنت فيها الجراح الدوارة و صارت تغتصب أوهن لحظات الفرح من فوق سفين نمتطى أعلاه فى أكذوبة العودة إلى الديار سالمين ، فلا نعود إلا دامعين ، لنجد الديار قد تهدمت جدرانها و تهاوى سقفها تحت وطأة إستعمار الألم للأمل ،ولا توجد أيدى حانية لتظلل الجرح الغائر بضمادة التخدير و دواء من كلمات عاجزة عن فهم حجم الحزن ، لم يكن أمامى سوى أن أغرق أكثر و أكثر فى بحار الإنهيار ، فيا أيها الخاضع لنزيف الشرف المراق على أعتابك ، و أنت الساكت عن تحطم دارك و أمالك ، لا تنتظر القمر ليرتدى زي النهار ، و لا الشمس لتمحو عتمة الليل ، ولا تعكس أحلامك ، فقد أستفزت النكسات المتلاحقة هذا الشغف المتطاير من تكسر الحلم على كهف الواقع الغائب عنك ، و دروب لا تفيق من سكرة النعاس ، فنسير و نحن نائمون ، و لا ندرك حتى أننا تعثرنا بتلك الشقوق التى تركها قبلنا المسافرون ، الحائرون ، المتأخرون ، و حروباً شعواء تدور على الأرض رحاها و لكن بلا إعلان للقتال ، لأنها حرباً داخل النفس و المواقيت فيها ساعات الرمال الندية التى لا تمر من عنق الزجاجة فتبقى الحرب دائرة و القتلى يتزايدون ، و الوقت كما هو لا يمر، هى كل طعنة و قول لم يقال ، هى كل رجل فاته دمع الرجال و ألم الرجال و حلماً لا يطال ، فكيف ندمع و يصير الدمع عرفاً فوق أشباه الخيال ، لذا فقد كان الأمر بحق نفسى مستعصياً، وألا أخالط غوانى الأرض و لا أجوب موانىء الأرض ، و أبقى فى الأرض كما الساحل الصامت يرتجل النجاة إرتجال ، فأمضى نهارى المظلم فى أقبية النفس و أقضى ليلى الحالك فى كهف الغياب ، لا أرجو ذهاب و لا أرجو إياب ،،،

ليست هناك تعليقات