أحدث المواضيع

"الهروب الى الحقيقه" بقلم : ساميه كمال



 
 
كان يومآ كئيبآ كمعظم ايام الشتاء ، بل هو اكئب اكثر عندما تفقد عزيزآ لديك وتقضى اليوم فى المقابر . .. هذا هو اليوم الذى قضيته فى المقابر يوم فراق ابى او " ابويي " ! كيف ! سأحكى لكم القصه
..
مجموعه من النساء ترتدي ملابس سوداء ،يبكون ويصرخون ووسطهم شاب يمسك ب"الخشبه" ،التى يوجد بها الجثمان ولا يريد ان يفارقها
فنحن الان فى "المقابر " اكثر الاماكن راحه وكآبه فى نفس الوقت نذهب اليها برضانا ورغمآ عنا نحبها ونخشاها ... اثناء صراخ النساء وتمسك الشاب بالخشبه.. التى يحاول الناس بشتى الطرق ابعاده عنها.. يأتى هو : رجل كبير يتجاوز السبعون فهو يرتدى جلبابا وفوقه عباءه .. لم يبدو منه غير القليل من وجهه المغطى بشال فوق رأسه .هذا غير اللحيه التى تغطى الجزء الاخر من وجهه ...حتى الجلباب كان فضفاضآ على جسده النحيل ..ولكن رغم ذلك كانت له هيبه غريبه .. فبعض الناس التى كانت جواره بعضهم مستمر فى مكانه ، والبعض الاخر ابتعد عنه قدر المستطاع وكأنهم يخشونه .. ولكنه غير مبالِ بأحد لا ينظر لأحد وكأنه شخصيه اسطوريه ظهرت فقط لهذا الشاب ..
الرجل موجهآ كلامه للشاب : اتريد بالفعل مصاحبة اباك فى رحلته تلك؟
الشاب " وقد ارتبك من صراحة السؤال " ، ولكنه مازال مصرآ على انه لا يريد مفارقة ابيه .. فيشير اليه بالموافقه ...
الرجل : لم تفعل. واذا فعلت لن يفيدك على اي حال . .فدورك لم يأتى بعد ... القدر لم يأتى بأهوائنا ولكنه يأتى بما هو مقسوم لنا ؟...." يقول هذه الكلمات ويختفى .. تاركآ الشاب فى حيره .. فيترك الشاب " الخشبه " وهو فى حالة ذهول .. استغل من حوله هذه الحاله ، وقام البعض بفتح " المقبره " والبعض الاخر قام بحمل الجثه .. والشاب وقف فى مكانه ينظر الى مايحدث من حوله تاره ، والى هذا الرجل الذى ظهر ثم اختفى فجأة تارة اخرى .. انتهت مراسم الدفن وبدأ الجميع فى المغادره .. والشاب مازال واقفآ امامه يريد ان يسأل احدآ عن هذا الرجل .. فهو يخشى ان يكون هذا حلمآ .. فيسأل " التربى " : ياعم احمد هو فى حد جه هنا وكلمنى ؟ ..
التربى " وهو يعلم تماما مايفكر به هذا الشاب " يتحدث وهو يبتسم : اه " انت قصدك " عم علي " ماتخافش منه ده راجل "بركه " ده عايش معانا بقالو يجي تلاتين سنه ..
الشاب " وقد زادت حيرته بهذا الكلام " : قصدك "تربى " زيكم !
التربى : "عم علي تربى" ده متعلم اكتر من اى شاب زيك "لا مؤاخذه " يعنى يا استاذ بس هو من ساعة ما الست بتاعته ماتت وهو جه معاها ممشيش تانى ..
الشاب يطلب من " التربى " ان يرى ذلك الرجل ... فيصف "التربى " له المكان ..
ذهب الجميع والدنيا قاربت على الغروب والشاب قد وصل الى غرفة الرجل "الغريب " من وجهة نظره .. فأنها ليست غرفه بالضبط انها " حوش " لا يوجد به سوى حصيره ، وقلة ميه بجوارها وهناك مصطبه مفروشه بحصيرة اخرى .. الرجل كان جالسآ على الارض متكئآ على الحائط .. نظر الى الشاب وهو يبتسم ..
الرجل : كنت اعرف انك ستأتى... فهذا ما افعله بالناس الغموض والتساؤل .. منهم من يفعل مثلك ويأتى ليعرف من انا ، ولكنهم قليلون جدآ تقريبآ انت فقط ..
يضحكون سويآ .. الشاب : والاخرين يخشونك ..
الرجل : نعم وهذا ما يحزننى ويبعدنى عن الناس .. ولكن اقدر خوفهم هذا ...
الشاب " بعد ان اصبح مرتاحآ ولو قليلآ " يجلس بجوار الرجل ، ليتعرف عليه اكثر ...
الرجل " باِبتسامه خبيثه: اسأل فأنا انتظر هذا السؤال منذ اول يوم جئت فيه الى هنا .. ولكنه تأخر لدرجة اننى ظننت انه لن يسأل ...
الشاب " وهو منبهرآ بهذه الشخصيه " : اذآ انت تعرف السؤال فلك الان حرية ان تفصح عن الاجابه التى انتظرت طيلة هذه السنوات ...
الرجل: وكأنه وجد الفرصه ليخرج ما كان مختبئآ بداخله .. فهو يريد التخلص منه بأي طريقه ، قد يكون الحكى طريقه منهم ...
الرجل : من الممكن ان تتخيل اننى رجل شجاع لا يهاب الموت ... ولكن بعيده عن ذلك تمامآ فأنا كنت اكثر البشر خوفآ من الموت ...
قضيت اكثر من نصف عمرى اهرب من مواجهته ... ولكنه دائمآ كان ينتصر علي ويأخذ منى اعز ما لدي ....
وكأنه يعاقبنى على هروبى منه .... لأنه لم يأخذنى انا .... بالتأكيد هذا لم يكن عقاب ...
ولكنه اراد ان يسلبنى كل شىء .... اراد لى ان اؤمن به و استسلم له .... ولكن هذا حدث متأخر جدآ ...
بعد ان فقدت كل احبائى ، واصبحت وحيدآ ... احيا على ذكراهم ... فهذه هى لعبة الموت والحياه ....اذا فكرت كثيرآ فى احدهما نسيت الأخر ...
وكأنهم فى حرب ونحن الضحايا ...فنحن اما يا ئسون "باحثون عن الموت " ... اما متفاءلون "هاربون من الموت " ولكن ما نشترك فيه جميعآ اننا نخشاه ...
الشاب " وهو مازال ينظر اليه باِنبهار " .. فهو يراه فيلسوفآ او حكيمآ ... انساه كل شىء انساه والده الذى " دفن لتوه " .. فيسأله :ولكن كل ذلك عادى ..
من الممكن ان يحدث لأى شخص ولا يفعل مثلك .... ما الشىء الذى حدث لك وجعلك تغير تفكيرك وتغير رأيك فى "الموت " ...
االرجل : سأحكى لك القصه من بدايتها .. لتعرف كل شىء "
اراه هناك بجوار النافذه الذى لا يفارقها هذه الايام !وكأنه ينتظر شيئآ او احدآ . فهو شاب لا يتجاوز الخامسه والعشرون ولكن هيئته لا تدل على ذلك .فهو تاركآ لحيته ويبدو انه لم يخرج او حتى ينظر الى المرآه منذ فتره.. يبدو ذلك جليآ على مظهره فهو يرتدى قميصآ وبنطلونا يبدوان اكبر من مقاسه حتى شعره غير مصفف ..فكل هذا يؤكد انه فى حالة اِكتئاب شديده ولكن لماذا فهو لم يتجاوز الخامسة والعشرون ليبدو بهذا الشكل .. كل هذا وهو مازال مكانه على كرسييه فى مكانه المفضل بجوار النافذه .احيانا ينظر الى الشارع واحيانا ينظر الى الغرفه فيتجول بنظره فيجد السرير الغير مرتب الذي يؤكد عدم خروجه من الغرفه بالرغم من اننا قاربنا على منتصف الليل.ويوجد على حافة هذا السرير قميص وبنطلون يبدو ان حالتهما افضل من الذى يرتديهم.. وكأنهم ينتظرون لحظة ان يقرر الخروج من البيت..ولا يوجد فى الغرفه سوى السرير والكرسى الذي يجلس عليه ، فالغرفة صغيره على كل حال لا تحتمل اشياء كثيره .. اثناء شروده المنقطع النظير ... يدق جرس الباب باِصرار ، فيخرج من حالة الشرود الى حالة الفزع "من الذي يدق الجرس بهذه الطريقه ... امن الممكن ان يكون فتحى ! ولكن كيف يكون فتحي ويدق الجرس فهذا بيته ومعه المفاتيح " يستمر فى الحديث وهو يحاول الوقوف فقط "الوقوف " كأنه يخشى ان يعرف من الطارق .. ولكن الجرس مستمر بالرنين وباِصرار اكثر.. فتحدث له حاله من الاِرتباك لا يعلم يفتح ام لا هل يغير ملابسه ام لا هل يتصل بصديقه حتى يعلم اذا كان هو ام شخص آخر .. كل هذه التساؤلات وهو يجرى هنا وهناك فى الغرفه . حتى استقر على ان يفتح الباب .. وقف امام الباب يحاول ان يفتحه ولكن هناك رعشه فى يده اذا لم تكن فى جسده كله ..
ولكنه فتحه فاِذا بصديقه فتحى امامه ..شابآ اسمر طوله مناسب لديه جاذبيه رغم بساطة ملامحه .... يكفى ان تنظر له حتى تشفى من الاِكتئاب ..ولكن هذا لم يحدث مع فتحى .... بل العكس هو ماحدث .... هو ايضآ يبدو عليه الحزن ولكن الحزن فقط .. دون ان يتأثر شكله بذلك ..
ينظر علي الى فتحى محاولآ ان يفهم ماذا حدث ولكنه ايضآ يستبعد كل الأسباب التى يخشاها .... فيتحدث علي "فى ايه يا فتحى خضتنى "
يتحدث فتحى وهو يبعد نظره عن علي "امك تعبانه يا علي وعايزه تشوفك "
جاءت الاِجابه المتوقعه والتى اراد ان يستبعدها "اشوفها ! ازاي يا فتحى ماانت عارف"
ينظر اليه فتحي باِندهاش شديد " لأ مش عارف يا"علي " انا لما طاوعتك تسيب امك وتيجي هنا .. بس عشان الحاله اللي كنت فيها .لكن ده مش معناه انى موافق على افكارك دي "
بدأ الياس والحزن يظهر اكثر على وجهه "علي " واصبح عاجزآ عن الكلام وعاجزآ عن اتخاذ قرار .. فيحاول ان يوصل وجهة نظره الى صديقه ، ولكن فتحي من الواضح انه قد حسم قراره ..
فتحى : يلا البس عشان نروح نشوف امك وده كلام مش محتاج مراجعه ...
علي : انت ليه متخيلني بالأسوه دي مع انك اكتر واحد تعرفني " المشكله مش انى مش عايز اروح . المشكله انى مش قادر اروح "
فتحي : ماهو عشان انا عارفك زي مابتقول .. انا شايف انك لازم تروح .. يلا ادخل غير هدومك وانا هاجى معاك ياعم ..
امام اِصرار"فتحي " لم يجد "علي " مفرآ من المواجهه .. دخل الغرفه التى خرج منها منذ قليل ليرتدي الملابس التي كانت تنتظر هذا الحدث ...
وعندما دخل بيته وقف في الطرقه لبعض الوقت .. يخشى الدخول الى والدته ، فأخذ ينظر الى البيت الذى عاش فيه لحظات حزن وفراق اكثر بكثير من لحظات الفرح !
رأى الطرقه التى لم تتغير رغم انها اصبحت اكثر كآبه من كثرة الفراق !! فيوجد بها " كنبتان، وترابيزه يوضع عليها تليفزيونا قديم مغطى بقطعة قماش لتؤكد انه لم يستعمل منذ فتره .فهو عندما رأى ذلك تذكر كل من فارقهم .. فعلى هذه " الكنبه " بجوار التليفزيون كان يجلس ابى !! وعلى "الكنبة " الاخرى كنا نجلس انا واختى احيانا نذاكر واحيانا اخرى نشاهد التلفاز لأن ابى كان يمنعنا من الجلوس من "الكنبه " الاخرى لقربها من التلفاز .. وكانت امي تجلس على الأرض التى كان مفروش عليها "حصيره " كانت دائمآ تجلس على الأرض، لأنها دائمآ تقوم بعمل ما .. يتنهد بحزن شديد اين انتم الان حتى امى التى تبقت لي تريد ان تفارقني الان ..
يوقظه" فتحى " من شروده ليذكره بأنه يجب ان يدخل الى والدته ..، واثناء دخوله قال له فتحي : لأ امك فى "اوضتك " ..
فيدخل غرفته التى لم يدخلها منذ مده ..فهى اكبر غرفه فى المنزل وهى الغرفه الوحيده التى بها بلكونه ، ومنذ فتره قد اشترت له امه غرفة نوم كامله ..
فأصبحت احلى غرفه فى المنزل .. ولكنه عندما دخلها لم ينظر الى اي شىء فقد كان تفكيره كله مع امه .. التى وجدها نائمه على سريره محتضنه مخدته ..
وبجوارها مكتبه التى لا يوجد عليه سوى صورته وبعض الادويه او كثير من الادويه.. فاِقترب منها ، وارتمى فى حضنها وهو يجهش بالبكاء .. فقلقت على صوته .. فبدا عليها الفرح وضمته اليها بشده .. رغم اعيائها الشديد فهى سيده تتجاوز الستون ومريضه بمرض خطير قد تمكن منها .. ولكنها رغم كل ذلك تبدو جميله من الواضح انها كانت جميله جدآ فى شبابها .. ف"علي " يشبها كثيرآ "فهى بيضاء وجهها ممتلىء رغم شحوبه عيناها تمتلىء سحرآ وعمقآ وحزنآ فى نفس الوقت ...
علي : ارجوكى يا امى لو بتحبينى ما تسيبنيش. .كفايه يا امى تعبت من الفراق ده انا ما ليش غيرك ..
الأم : ياريت يا بنى باِيديا كنت عمرى ما اسيبك لكن ده اجل لما بيخلص مفيش فى ايدك حاجه تعملها ..بس انا عارفه انك راجل وهتقف على رجلك تانى .
على : متهيألك يا امى انا خلاص كرهت كل حاجه لما كنت بتعب قبل كده كنتى انتى اللى بتهونى عليه .. دلوقتى فاضلى مين ..
الام " تحاول ان تخرجه من هذه الحاله " : نعم ليك طبعآ ولا فاكرنى نايمه على ودانى .. اهى دى بقى اللى هتنسيك امك واهلك كلهم " تتحدث وهى تضحك ناسية اوجاعها من اجل ابنها "
على " وهو ينظر اليها نظرة خبث لأنه عرف نواياها " ويضحك وهو يقول : مفيش حد يقدر يحل محلك ده اذا قدرت اعيش بشكل طبيعى بعدك .. تفتكرى اللى بيحصلى ده ليه يا امى ..
الام : ايه اللى بيحصلك ومش بيحصل للناس "ماهو كاس وداير ع الكل " ارضى بنصيبك يابنى عشان ربنا يرضى عنك ..
اخذا يتحدثا حتى كاد ان يخدعه الموت تلك المره ايضآ ويصور له انه لن يأتى .. حتى غفا ووجهه بين ايدى امه.. ثم استفاق على صوت صديقه " فتحى "
" فوجد يد امه قد اصبحت بارده وعيناها مسبلتان " فعرف ان القدر قد غدر به من جديد
الأن وقد مر عامآ على وفاة والدته ... ولكنه مازال على حزنه ... يخرج فقط من اجل العمل ثم يعود الى منزله ... ليدخل غرفته ويجلس مع ذكرياته..
ولكن فى يوم ما قابلته ... نعم هى من كانت تقصدها امه ..... فتاه ساحره الجمال ... ترتدى فستانا يلمح بجمال قوامها ... فهو مرسوم عليها .
وكأنه صنع لجسدها ... هذا غير بشرتها الخمريه ووجهها المستدير وشعرها المسدل خلف ظهرها الذى يضاهى فى سواده ظلمة الليل ...
كل هذا الجمال الذى يجعلك تحب الحياه وتتمسك بها .... فعلآ هى الحياه .. فهذا اسمها .. رغم ذلك رفضه "علي " من اجل حزنه !
عندما رآها حاول ان يتهرب منها ، ولكنها اوقفته وواجهته
حياة " وهى تتحدث بحب وحزن شديدين : انت بتتهرب منى يا "علي "
علي "وهو ما زال يتهرب من نظراتها : انا مش بتهرب بس بجد مش قادر ارجع زى الأول ولا ينفع اننا نحب بعض لأننا مش هنتجوز..
حياة " وقد بدا على وجهها انها صدمت بالرد " : يعنى ايه مبقتش تحبنى ... ويعنى ايه مش هينفع نتجوز ..
علي " برومانسيه يحاول ان يخفيها " : انتى اكتر واحده عارفه اجابة السؤال ده ... بس انا بجد خلاص تعبت " يبدو عليه الاِرهاق وكاد ان يسقط ، فأمسكت به "
حياة : مالك يا"علي " انا مش فاهمه حاجه .. انت عمرك ما كنت كده ... وكمان عمرك ما خبيت عنى حاجه ..
علي : تعبت يا " حياة " تعبت من الفراق ... انا مش مستعد نتجوز وبعدين تسيبينى .. خلاص يا "حياة " مبقاش عندى طاقه لأى حزن او فراق تانى ..
انا دلوقتى حزين ووحيد ... بس مرتاح على الأقل .. مش هحزن على حد تانى . ، ولا هسيب حد يحزن لفراقى ...
حياة : يعنى احنا لو ماتجوزناش مش هحزن لفراقك او انت هتحزن لفراقى .!!
علي " يتحدث وهو يمسك بها يحاول ان يجعلها تشعر بما يشعر به " يعنى انتى ممكن توعدينى انك مش هتموتى قبلى .. وكمان تقبلي اننا نتجوز ومانجبش عيال ... ماانا مش مستعد .. اجيبهم وافضل كل يوم متعذب وخايف .. هما يموتوا ويسيبونى للوحده والهم .. او انا اموت واسيبهم للى انا عشته .
...
حياة : التفكير ده غلط يا "علي " كل ده بتاع ربنا .. . انت دلوقتى عايش يا "علي " ولازم تعيش بجد ...
علي "ينظر اليها وهو يببتسم بسخريه" : عايش ! فعلآ هى المشكله انى عايش ... هو ده عقابى..
حياة : علي انت بتحبني ؟
علي : وهذا ما يعذبنى ... اريد ان ابعدك عنى .. وانا فى اشد اللحظات الى ان ارتمى فى حضنك
حياة " والسعاده تملأ وجهها " : خلاص يبقى مستنياك بالليل عندنا فى البيت .... عايزه اشوف علي اللي حبيته ... " ثم تختفى من امامه حتى لا يحاول الاعتراض ...
تبدأ الحياه تدب فى قلبه وجسده من جديد ...والاِبتسامه التى كاد ان ينساها عادت له من جديد .. هذا ما تفعله بنا الحياه .. وهذا ما تفعله به "حياة "
..وبالفعل تم الزواج وعاش ايامآ سعيده قد تكون هى اسعد ايام حياته التى لم يعش غيرها .. وهذه المره بالفعل قد آمن للحياه وبدأ يحبها ... ولكنها مصره على الغدر ..
فى هذا اليوم راوده حلم غريب... جعله يشعر بأن هناك سوءآ ينتظره... وان الموت يريد ان يلعب لعبته... الذى ظن ا نه نساها...
طلب من زوجته عدم الخروج.. وتحجج بأنه يريد اغن يقضى اليوم معها ... ولكنه يومها المحدد اغلتخى تذهب فيه عند والدتها..
.ولكن ا مام الحاحه والذعر الذى رآته فى عينيه لم تجد سبيلآ سوى الموافقه
. . ؟. ولكنه لم يسلم بعد من غدر القدر .رغم كل هذه الاحتياطات؟. وانه لم يبعد زوجته عن نظره ، وبعدها عن اى سبب تخيل انه خطر
ورغم ذلك ماتتت بين يديه ؟.؟. بدون الم ، بدون صراع ، بدون دموع للفراق . . فقد ماتت مبتسمه وهى تنظر اليه ؟.؟. مستمتعه بنظرات حبه لها
وهو ما زال مبتسمآ : انتى نمتى يا "حياة |" . فقد كانا يجلسان يشاهدان التلفاز . . ثم وجدهاتميل على كتفه؟. فحاول ان يوقظها ولكن بدون استجابه . حاول ان يرفع رإسها فوجدهاتميل الى الناحيه الاخرى فتركها ونظر اليهابذعر شديد
ثم اقترب منهاثانية . . لأ لأ يا "حيا ة " يحا ول ا ن يتحدث ولكن لسانه يعجز عن الكلام ينهار من البكاء ولا يشعر بأ ى شىء بعدها فقد سقط على الارض مصابآ بشلل ...
الشاب" وقد لاحظ ارهاق الرجل من الكلام . . اوقفه عن الحديث
الرجل او "عم علي " : ليس الحديث ما يرهقنى انما الذكريات والامها.
لم ارد الحياه بعدها .. ولكن كما قولت لك لم يحن دورى بعد ! . . ولكنى لم يتبقى لي احد فلماذا احيا هناك فجئت معها .. وهاانا احيا مع الأموات ....هناشفيت من الشلل الذى جائنى من صدمة موتها . .وهنا شفيت من رهبة الموت .
ينظر ا الرجل الى الخارج فيجد الظلمة الشديده . . . فيخاطب الشاب : كيف ستذهب الأن ؟. . لااعلم اننا استغر قنا كل هذا الوقت فى الحديث .
الشاب |" وقد اصبح اكثر نضجآ ومصالحة مع القدر : لم اعد اخشى الظلمه ولاالمقابر سأبيت هناالليله .
يطلب الشاب ان يساعد الرجل فى تحضير فراش نومه . . ليوا فق الرجل بمنتهى السعاده لأنه شعر بمشاعر الإبوه ولو للحظات فى حياته .
ينام الشاب على الأرض بعد اصرار منه على ذلك . . . ونام الرجل لأول مره على المصطبه .
ظل كلِ منهم مع افكاره ... الشاب يفكر فى هذا اليوم العجيب الذى بدأه بلعن القدر وختمه بهذه المصالحه مع القدر .
.. . ....وظل الرجل يتحدث الى زوجته . . قد وجدت ابنآ يا "حياة " . . اخيرآ قد وجدت الراحه هنافى المكان الذى كرهته دومآ . . فلم اشعر بالسعاده منذ ان تركتينى الا اليوم اصبحت مستعدآ لأى شىء . . مستعدآ لمواجهة الموت ذاته . . اذا كان هو مستعدآ . . فأنا الأن معكم . . وامامى ابن لم احلم يومآ باِبنآ افضل منه . . انا اعرف هذا الشعور . . . يشعرنى به القدر فى كل مره قبل ان يأخذ منى احدآ . . ولكن هذه المره اشعر بشيئآ غريبآ مختلفآ عن كل مره .
فى ا لصباح نجد الشاب يقف امام مقبره يقرأ الفاتحه وهو حزينا ثاره ومبتسمآ تارة اخرى لسخرية القدر وما فعلته به.. يضع بعض الورود على المقبره التى كتب عليها " علي عبد الشكور " "
ثم يذهب وهو يتذكر كلمات هذا الرجل عن القدر والفراق وهو يقول :"الأن ممكن ان اموت بدون حزن لأإنى لن اترك بعدي من يحزن لفراقي .
ولكنه اخطأ فى هذه لأنه ترك من حزن لفراقه . . . . ..

ليست هناك تعليقات