أحدث المواضيع

رائد مهدي / العراق (ذات في الذات )


(ذات في الذات ) عنوان مناسب جدا لما اكتشفته أثناء تأملي بقصيدة للشاعرة السورية لينا قنجراوي: 
ـ أذكر في آخر مرة ـ
وقفت فيها 
أمام مرآتي 
رسمتك قبلة 
على شفاهي 
ونسيت كيف 
تحركت اصابعي
فأحيت ذكرياتي
هنا على عيني
كحلت صورتك خيالاتي
وبين أهداب جفوني 
رسمتك 
حلمي الآت 
يدك التي 
سرحت لي شعري 
مازلت أقرؤها
صلاتي
وجدائلي التي ضفرتها 
غردت لي 
طوق نجاتي 
من وحدتي 
وغربتي عن ذاتي.
ألمشهد واحد والموضوع واحد ،فهي فكرة في الذات تستثار وتنبعث بأثر مصدره خارج الذات والعجيب أن المادة واحدة بدلالة ان الوقوف على المرآة يظهر لنا ذاتنا بكل معالمها وبوجود مرآة للزمن في كل ذات فما أن تقف عليها ذاكرة الاديب حتى يتكشف له الكثير مما مضى بدقة عالية وبألوانها الحقيقية والتي تثير الدهشة .وكثيرآ ماتثار دهشة المرء في لحظة ليست هي اللحظة التي ولد بها ذلك الامر العجيب ولا ذات المكان الذي كان فيها او هو كائن بها .وهنا تنطلق ردود الافعال المنفلتة من ضبط الروتين والمتحررة من قيود الافتراض فبألأمكان أن ترتسم القبلة على الشفاه لتلك الذات التي كانت هناك ومن الطبيعي أن تلامس الاصابع تلك العينين التي اخترقت جدار الزمن لتتأكد أنهما هنا وهناك في لحظة تتشارك الأثر والمعالم لتدخل تلك الصورة من العين الى خيالات الذهن لتعود عبر اهداب العين في امتزاج الازمنة والامكنة في لحظة انسجام زمانية مكانية على جميع ابعاد الحضور ولانزال مع تلك اليد التي تتوجه للرسم لا على خشب ولا ورق بل على أفق زمن لم نقابله بعد وبصورة اوضح رسما في مكان متحرر من الوعي والواقع ففي معرض الاحلام كان الرسم لكن اللوحات كانت من صنع الماضي حيث تلك اليد التي كانت تسرح الشعر والتي تحاكيها اليوم يد تحركت اصابعها لترسم هذه الذكرى في واقع ذات الاديبة فلم ينتهي التواصل ولم يحدث اي انقطاع او انفصال عن الحلم الآتي حيث تجلى ذلك بوصف الاديبة لتلك اليد مازلت اقرؤها صلاتي فهي تعاود الوقوف على تلك المعالم ولاتفارقها وتتواصل معها في اعمق صلات كمثل الصلاة وتتواصل برسم الجدائل لنكتشف مدى قرب واقتراب ذلك المرسوم والتصاقه بألذهن والذاكرة كألتصاق الجدائل بألرأس بجذور لها عمق حيوي بتلك الرأس موطن الحلم والخيال والذاكرة والفكرة ثم تعرب الاديبة عن قناعتها التامة بأن تلك اليد التي تضفر الجدائل هي يد تصنع وتشكل فلم تكن يدا اعتيادية بل موهوبة ألعمل وألأثر ولايتوقف عملها في الذات التي تعمل بها بل انها لاتعمل على جزء من الذات بل خارطة عملها تكون على جميع معالم الذات لذلك لايستطيع التداخل والانسجام مع تلك الذات التي عملت عليها سواها وهنا تكون بمثابة طوق النجاة الذي يحترف انتشالها من اللامعنى المتمثل بألوحدة وقارب نجاة من الغرق في بحر الروتين القاتل لتكون ذات في الذات.. ..أعجبت بهذا النص فتأملته نصا جميلا بكلمات واضحة المعالم وألوان مناسبة جدا للأزمنة والامكنة التي جالت فيها كلمات القصيدة مصطحبة معها انتباهنا وحواسنا التي اعجبت كثيرا بهذا النتاج الادبي ألرائع.. أطيب الامنيات بالتوفيق لصاحبة النص.

رائد مهدي / العراق

ليست هناك تعليقات