أحدث المواضيع

داخل بيت، والبيت لبيوت القرية مماثل،*الأديب حسن السلموني



داخل بيت، والبيت لبيوت القرية مماثل، تعاقبت عليه أجيال لا تحصى، دون أن يلحقه أدنى تغيير، العيش غث والسقم عشه بالمراقد تؤدي الأمراض بمن بالمهد مزداد، واللسان مخروس، وما ينطق إلا بمسميات ما فطروا على تداولها بينهم ، فنصيب الأنثى عندهم شراء، فهي لا تشترى إلا لناكحها، إن الأرياف محارق معزولة، حطبها من فسق أحزاب وفسادها، ولا تتراءى لناظر، في قعر بيداء تم إبادة حاضرها، فبكى الرب ولقد سمعت جهيش بكائه، ومن نهر دمعه غرفت غرفات أطهر بملحها نفس الفقراء مما ألم بها من بؤس هالك قد أفقد منها طعم الوجود، يمشون عراة حفاة والليل أزقته ظلماء، فأستوقد لهم من إملاقي في البدر مصباحا، يكشف سناه عن بيت وما حوى من جيف غرفتي مسجدين بهما جردانا وصراصير أبادت إرادة أمة على سجادة الإقتراع.
بيت سقفه سحابة، تنفث بها مداخن شبيهة بالصوامع العتيقة، أقام نذل أركانها من آجور الهزيمة، لما اشترى بقصائده الخيانة، زعيما يتوضأ في مغسلة القرويين بدماء أهل الجنوب، فناب قلمي بائن يهر منه كالليث، فلما يرعد المدى بصوت زئيره تلقي من شدة الفزع الحوامل ما بأرحامهن من بذور الثرى.
إن بيت الجنوب آهل بأترابي، تبيد العواصم الأثرية حقه في الحياة، فإن لم ينل منها عبر السنوات العجاف، سوى العطش وكوبا من الصلصال، وبركة سراب يظن أنها حفنة ماء في كف ملاك، فكلما ذنا منها زادت عنه بعدا، فيحسب أن نبعها الذي أقفلت إليه ملاقيه،إني دوحة بالأرض، بها من خيراتي ما تشتهي العقول، أصر إلى أغصاني جائعا حتى يشبع من ثمرها جوعه، ولا أبدي النهي لجائع منها أخذ طعامه، فإن من الجوع ما هو خير للناس، إذا هم ألبسوا الشوارع عصيانهم.


ليست هناك تعليقات