أحدث المواضيع

هم الزمان .... بقلم أ / محمد أبو الفضل

 
بقلم / محمد ابو الفضل
 
سأل معاوية :الأحنف بن قيس عن الزمان، فأجابه الأحنف: أنت هو الزمان، فإن صلحت صلح ، وان فسدت فسد ... وأجزم أن نفس الجواب كان سيعطى للرؤساء الفاسدين في الدول العربية وكل الشلة اللاحقة. أحيانا يبدو لي أن استعمال صيغة العالم العربي لوصف ممالك وجمهوريات العرب هو نوع من المهزلة، أو السخرية على الذات. بعض الدراسات تقول أ ن هناك مجموعة عائلات عربية تتحكم بكل الأقطار العربية، فهل أنظمة مبنية على العائلية والقبلية، يجوز أن تحظى بصفة عالم عربي، أم نعود إلى الصيغة الأكثر دقة وواقعية: دول العائلات المالكة؟ ..وربما تسمية قبائل أنسب، لأنه تبين أن ما يسمى جهاز دولة، لا وجود له فعليا في جمهوريات وممالك العرب !!هل من نظام عربي يعتمد استقلالية المؤسسات والرقابة على قباطنة السلطة؟ جهاز قضائي مستقل. جهاز تشريعي مستقل يملك حرية القرار، وسلطة تنفيذية غير مرتبطة إلا بتنفيذ القانون، وجهاز رقابة على السلطة غير مقيد بأحد ؟هل من برلمان قادر حقاً على التصويت ضد أصغر وزير في أنظمة الطوائف؟ما زالت صورة مجلس الشعب المصري المخجلة واضحة وتقدم صورة مخزية عن مستوى ونوعية البرلمانات العربية ، باستقبالهم بتصفيق عاصف لرئيس مجرم بحق شعبه وبحق الإنسان عامة ، دون أن نرى برلمانيا واحدا لا تدغدغه الحماسة ، وكأنهم في عرض تعر في نادي ليلي ؟!هل كان هذا برلمان أم ماذا ؟هل كانت هناك انتخابات لا يحظى فيها الرئيس بالإجماع من الأحياء والأموات، من الذين يبحثون عن الطعام في القمامة، حتى الذين ينزفون في زنازين أمن الدولة؟في ظل هذا الوضع يستشري الفساد ويفسد الزمان في ظل هذا الوضع يقمع أصحاب الموقف والضمير لضمان أمن الفساد.في ظل هذا الوضع يتعفن المعارضون في سجون وزنازين أنظمة عصر فاسد لا نريده أن يعود من جديد. إسقاطات واقع هذا العصر ترك سلبيات وإسقاطات مدمرة ليس من السهل القفز فوقها... بل وبدأت تثمر فاكهة مشوهة في حقلنا الفكري والثقافي .. وغاب الكثير من الثمر الجيد من حقولنا.. وتشوهت عقول الشباب ببرامج التضليل الديني من تجار دين بلا ضمير يشكلون الجهاز التعليمي السائد في مجتمعاتهم. ونرى أثر ذلك في الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء في شتى أرجاء البلاد.العصر البائد ألحق بنا أضراراً فكرية عديدة. أفسد زعماءَ ثوريين فقدوا بوصلتهم الاجتماعية والسياسية بأوهام تتعلق بقوى تتلفع بالمقاومة ، وكل محركاتها لا علاقة لها بفكر التحرر والتقدم الاجتماعي ، بل بفكر إرجاع المرأة إلى سجنها وراء الحجاب الشخصي والحجاب الاجتماعي،بفكر تحويل الإنسان إلى أداة لخدمة تنظيمات أو أنظمة لا تعتبر الإنسان أكثر من أداة لخدمة مشاريع لا تمت بصلة لمجتمعاتنا ومصالح إنساننا ، تنظيمات مسلحة لا تخدم النهضة والتقدم، وتجعل من الديمقراطية أداة تفسخ وقبر للشرعية الوطنية، ولا تخدم إلا مشاريع لا تمت بصلة لقضية تحرير الأرض وتحرير الإنسان. وآخرون سقطوا في وهم ان عصر المنطق القانوني ولّى وصارت الأقوال العشوائية تطرح بكل مناسبة وبكل ظرف. فكيف نسمي قادة أحزاب مفروض أنها ثورية، يدافعون عن أحزاب إلهية، بعجز عن رؤية الصورة العامة الشاملة، والخلفية الاجتماعية المغرقة بالرجعية الفكرية لهذه التنظيمات ، وكونها امتدادا استراتيجيا لقوى لا شيء يجمعها مع مصلحة الشعب . مع النهضة والتنميه ، مع التقدم الثقافي والاجتماعي للشعب، مع التغيير السياسي لما فيه رفع شأن وتأثير الموقف المصرى دوليا. ثم نراهم يتجندون ثرثرة بدفاع عن نظام يرتكب جرائم بحق المواطن المصرى. بل وبعضهم تخرجوا من سجون نفس النظام القمعي، زج بهم بلا محاكمات لسنوات طويلة جدا، وعذبوا، ولو ظل بهم ذرة عقل، ما كانوا فعلوا ذلك ابد. القوى التي من المفترض ان تقود بفكرها الاجتماعي المتحرر عملية التغيير أو تؤثر ايجابيا على مسارها، وقعت فريسة تضليل ذاتي قاتل سواء تحت تأثير المال أو المصالح الشخصية. فهل يعبر هذا الواقع عن سقوط لتنظيمات الفكر الثوري التى قادت الثورة وأشعلت جذوتها ؟

ليست هناك تعليقات