عشق الزمان ... بقلم أ / أبو عمار القرماوي

بقلم أبو عمار القرماوي
كان يعشق الروتين الذى جمعه بها .. يستعيذ بالله من تجديد يفرق بينهما ... احالوه للمعاش .. احالوه للتقاعد معها .. حتى اصبحا لا يفترقان خلال طقوس الحياه اليومية .. يجمعهما برامج التلفاز .. يسمعان المذياع فى بلكونة لاتتسع لاكثر منهما .. يتناولا الشاى معا ويتناوبا الحديث عن الذكريات .. كان يشعر انها ابنته رغم كهولتها.. وكانت تشعر انها امه رغم شيخوخته !! تنبهر لأقل حكاية منه .. يبتسم لأبسط موقف منها.. لازالت تغار عليه اذا شردت عيناه لبلكونة اخرى .. فيضحك شكرا وعرفانا .. كانا يتناوبا اعداد الطعام وتجديد مظهره ومكان تناوله .. علمها السياسة والكورة .. علمته فن شراكة الحياه .. وفجأة اختفت .. رحلت عن شراكته ودنياه .. انتزعها الموت منه على حين غرة .. خرج متكأ على عصاه التى كانت تناوله اياها كلما اراد ان يقطع طريقه داخل غرفته .. قبض على عكازه وسار بجانبها فى اخر طريق يجمعهما .. تحجرت الدموع فى عينيه وهو ينظر اليها فى لحظة وداع تغتمد انهاء الشراكة التى دامت نص قرن .. عاد لبقاياها فى بيته ..عاد ليجدها فى كل اركانه .. انصرف المعزون .. انشغل الناس عن احزانه .. ظل ايام يعد نفس الطعام ويضعه فى نفس المكان الذى كان يجمعهما .. يعد كوبين من الشاى ويوزعهما فى نفس اماكنهما على حافة سور البلكونة .. لا يأكل ولا يشرب مما اعده .. فقط كان يبحث عنها فى طقوسه ... وما ايام الا ولحق بها وهو بجوار الشاى فى بلكونته ... لم يتحمل قلبه الذى وهن ان ينبض فى غيابها ( صدق الله العظيم .. حيث يقول .. (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )
ليست هناك تعليقات